ومولانا الإمام المفترض الطّاعة على كافة الأنام النّاصر لدين الله أمير المؤمنين ، أدام الله أيامه ، في رجب سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة. قال غيره : يوم الاثنين عاشره.
ولم تزل الرّعية في ظلّه وإنعامه يرجعون إلى أوفى أمن ، وأوفر فضل ، وأكمل منّ ، وأوسع معيشه ، وأرضى حياة وعيشة ، يعمّهم العدل ويشملهم الفضل ، وتغمرهم الصّدقات وتعينهم الصّلات. وعمر المساجد ، وجدّد المشاهد ، وأنشأ الأربطة والمدارس ، وأحيا من الخيرات كل رسم دارس ، فالخلق في إنعامه راتعون ، وله بدوام الملك وطول الحياة داعون ، والله تعالى يستجيب فيه دعاءهم ، ويحرس من الغير شريف سدّته ويحييه ما أحبّ الحياة إنّه جواد كريم.
ومناقبه الشّريفة وفضائله الكريمة أوفر من أن يحيط بها وصف الواصفين أو يحصرها تدوين المصنّفين ، فنحن وإن رمنا ذكر بعضها بالعجز مقرّون وعن بلوغ الغاية فيها مقصّرون. ومن أشرفها وصفا وأعطرها ذكرا ما حمل به الملّة وأهلها من إسناده لحديث ابن عمّه المصطفى صلوات الله عليه وسلامه ، وروايته له ، وجمعه إياه ، فجمع كتابا سمّاه «روح العارفين» يشتمل على أحاديث رواها عن شيوخ أجازوا له ، هادية بأنواره المتلألئة الإشراق إلى مناهج الفوز ومكارم الأخلاق. وشرّفنا ـ أدام الله أيامه وأسبغ على كافة الخلائق ظلّه وإنعامه ـ بإجازته الشريفة لروايته ورواية غيره من المسموعات والمجازات له ـ خلّد الله ملكه ـ ولغيرنا ممن ضرع معنا إلى مستقرّ رحمته وشريف رأفته وسأل الإجازة. وقرىء هذا الكتاب وغيره عنه أعزّ الله أنصاره بجوامع مدينة السّلام جميعها في أكثر من مئة موضع وبغيرها من البلاد والنّواحي والبقاع التي سأل من كان بها من أهل العلم المواقف المقدّسة الطّاهرة الإمامية النّاصرية ـ ضاعف الله جلالها وأسبغ على كافة الخلائق ظلالها ـ الإجازة ، وشرّف بها ، فانتشر هذا الكتاب ونقل وروي في الآفاق ، وسمع ، وعمرت مجالس الحديث به ، وتشرّف أهلها