السرّ بدمشق عوضا عن شرف الدين خالد بن عماد الدين إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن محمد بن خالد بن نصر المخزوميّ ، المعروف بابن القيسرانيّ ، فباشرها حتى مات بدمشق ، وانفرد أخوه علاء الدين بكتابة السرّ إلى أن مات ليلة الجمعة التاسع والعشرين من شهر رمضان سنة تسع وستين وسبعمائة بمنزله من القاهرة ، عن سبع وخمسين سنة ، وترك ستة بنين وأربع بنات.
بدر الدين : محمد بن علي بن يحيى بن فضل الله ، ولّاه الملك الأشرف شعبان بن حسين كتابة السرّ ، وأبوه في مرض موته ، يوم الخميس ثامن عشري شهر رمضان ، سنة تسع وستين وسبعمائة ، وله من العمر تسع عشرة سنة ، وجعل أخاه عز الدين حمزة نائبا عنه ، فباشر إلى شوّال سنة أربع وثمانين وسبعمائة ، فصرف بأوحد الدين عبد الواحد بن إسماعيل بن يس ، ولزم داره فلم يره أحد البتة إلى أن مات أوحد الدين ، فنزل إليه الأمير يونس الدوادار واستدعاه ، فركب بثياب جلوسه من غير خف ولا فرجية ولا شاش وصعد إلى القلعة ، فخلع عليه في اليوم الرابع من ذي الحجة سنة ست وثمانين ، فلما ثار الأمير يلبغا الناصري على الملك الظاهر وخلعه من الملك وأقام الملك الصالح حاجي بن الأشرف شعبان بن حسين ولقبه بالملك المنصور ، ثم خرج الملك الظاهر برقوق من محبسه بالكرك وسار إلى محاربة الأمير تمربغا منطاش ومعه المنصور حاجي ، فخرج ابن فضل الله ، فلما انهزم منطاش على شعجب واستولى برقوق على المنصور والخليفة والقضاة والخزائن ، وكان ابن فضل الله وأخوه عز الدين في من فرّ مع منطاش إلى دمشق ، فأقام بها واستولى برقوق على تخت الملك بقلعة الجبل ، فولى علاء الدين عليّ بن عيسى الكركي كتابة السرّ ، وأخذ ابن فضل الله يتحيل في الخروج من دمشق وسيّر إلى السلطان مطالعة فيها من شعره :
يقبل الأرض عبد بعد خدمتكم |
|
قد مسّه ضرر مثله ضرر |
حصر وحبس وترسيم أقام به |
|
وفرقة الأهل والأولاد والفكر |
لكنه والورى مستبشرون بكم |
|
يرجو بكم فرجا يأتي وينتظر |
والشغل يقضي لأن الناس قد ندموا |
|
إذ عاينوا الجور من منطاش ينتشر |
جورا كما فرّطوا في حقكم ورأوا |
|
ظلما عظيما به الأكباد تنفطر |
والله إن جاءهم من بابكم أحد |
|
قاموا لكم معه بالروح وانتصروا |
الله ينصركم طول المدا أبدا |
|
يا من زمانهم من دهرنا غرر |
قدم إلى القاهرة ومعه أخوه عز الدين حمزة ، وجمال الدين محمود القيصري ناظر الجيش ، وتاج الدين عبد الرحيم بن أبي شاكر ، وشمس الدين محمد بن الصاحب ، فما زال في داره إلى أن سافر الملك الظاهر إلى بلاد الشام في سنة ثلاث وتسعين ، فتقدّم أمره إليه بالمسير مع العسكر ، فسار بطالا ، وقدّر الله تعالى ضعف علاء الدين الكركي ، فولاه كتابة