ووجد على قبر ـ مكتوبا ـ قد دفنت فيه أنثى :
ألا يا موت كنت بنا حفيّا |
|
فجدّدت السّرور لنا بزوره |
حمدت لسعيك المشكور لمّا |
|
كفيت مئونة وسترت عوره |
فأنكحنا الصّريح بلا صداق |
|
وجهّزنا العروس بغير شوره (١) |
وقال آخر :
ألم تر أنّ الموت أدرك من مضى |
|
فلم ينج منه ذو جناح ولا ظفر |
فلا ملكا أبقى ولم يبق سوقة |
|
ولا ذا غنى أبقى ولا ظاهر الفقر |
أباد على الدّهر القرون التى خلت |
|
وجرّعهم كأسا أمرّ من الصّبر |
وأخرجهم منها كأن لم يكن بها |
|
لهم ما اشتهوا فيها من المال والوقر (٢) |
وسلّهم ممّا حووه جميعه |
|
كما من عجين سلّ واحدة الشّعر |
فلم يغن عنهم ما اقتنوا من متاعها |
|
غداة أتاهم منه قاصمة الظّهر |
كأن لم يكونوا زينة الدّهر مرّة |
|
ولا أهلكوا الأعداء بالذّلّ والقهر |
ولا فاخروا فيها زمانا لأهلها |
|
ولا وضعوا فخر المفاخر بالفخر |
ولا أكلوا ممّا اشتهوه تنعّما |
|
ولا قطعوا الأوقات بالشّرب والخمر |
وقال آخر :
اصبر لكلّ مصيبة وتجلّد |
|
واعلم بأنّ المرء غير مخلّد |
أو ما ترى أنّ المصائب رحمة |
|
وترى المنيّة للعباد بمرصد |
من لا يصب ممّن ترى بمصيبة |
|
هذا طريق لست فيه بأوحد |
وإذا أتتك مصيبة فاصبر لها |
|
واذكر مصابك بالنبىّ محمّد |
[وبينما كان] سيدنا حسان بن ثابت ، رضى الله عنه ، [جالس](٣) وفى حجره صبّى له يطعمه الزبد والعسل إذ شرق الصبّى بهما فمات ، فقال :
__________________
(١) الشّورة : الزّينة واللّباس الحسن.
(٢) الوقر : الوقار ، والرزانة ، والحلم ، والعظمة.
(٣) ما بين المعقوفتين ـ فى الموضعين ـ من عندنا لاستقامة المعنى وحسّان بن ثابت هو : أبو الوليد