وفي نفس الوقت يدعي انه على ملة ابراهيم .. فرد الله عليهم بقوله : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ). أي ان ابراهيم ومن جاء بعده لم يحرموا لحوم الإبل وألبانها ، بل كل الطعام كان حلا لهم .. واليهود كاذبون مفترون في نسبة التحريم إلى أنبيائهم.
(إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ). إسرائيل هو يعقوب بن اسحق بن ابراهيم ، وكان قد امتنع من تلقائه عن بعض الأطعمة ، لسبب يعود اليه خاصة ، ولم يمتنع عنه ، لأن الله قد حرمه .. بل كما يمتنع أحدنا عن التدخين ، أو غيره لأسباب صحية ، وما اليها .. ولكن جرت سنة بني إسرائيل على اتباع أبيهم في تحريم ما كان قد حرمه هو على نفسه .. وكان ذلك (مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) ذكر الله سبحانه هذا القيد ، لأنه قد حرّم عليهم أنواعا كثيرة بعد التوراة بسبب الذنوب التي اقترفوها ، كما أشارت الآية ١٦٠ من النساء : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً) أما الأنواع التي حرمت عليهم بعد نزول التوراة فقد جاء ذكرها في الآية ١٤٦ من الانعام : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ). والتفصيل في محله.
وتجمل الاشارة هنا الى ان المسلمين متفقون كلمة واحدة على ان الأصل هو الحل في جميع المأكولات والمشروبات ، حتى يثبت العكس.
(قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). هذا تحد لليهود ان يحضروا التوراة ، وهي المعتمد عندهم ، أن يحضروها ويقرءوا نصوصها على الملأ إن كانوا صادقين في دعواهم تحريم لحم الإبل أو غيره .. ولكنهم بعد هذا التحدي تواروا ، ولم يجسروا على إتيان التوراة ، لأنهم على علم اليقين بصدق النبي ، وكذبهم.
(فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ). أي بعد ظهور الحجة ، وقيام الدليل على الحق. (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ، لأنهم ضلوا وأضلوا بالإصرار على الباطل ، ومعاندة الحق. (قُلْ صَدَقَ اللهُ). في ان كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل ، وان