الواضحة التي نفت الربوبية عن عيسى ، لا مبرر لمن يتجاهل المحكم ، ويطلب المتشابه إلا مرض القلب ، والقصد الفاسد.
سؤال ثالث : لما ذا قال : هن أم الكتاب ، ولم يقل أمهات الكتاب؟
الجواب : انه أفرد الأم لبيان ان الآيات المحكمات بمجموعها هي ام الكتاب وأصله ، وليست كل آية بمفردها اما ، ومثله قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) ولم يقل آيتين ، لأن كلا منهما جزء متمم للآية ، فهي لا تكون آية إلا به ، وهو لا يكون آية إلا بها.
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ). معنى الزيغ هنا الميل والانحراف عن الحق ، وابتغاء الفتنة اشارة إلى أن أصحاب المقاصد الفاسدة يطلبون المتشابه ويؤلونه تأويلا باطلا ليفسدوا القلوب ، ويفتنوا الناس عن دين الحق ، ويستشهدوا بمثل قوله تعالى : (فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا) على أن المسيح من جنس الله ، لأن كلا منهما روح ، ويتجاهلون الآيات المحكمة الواضحة ، مثل قوله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) ـ المائدة ١٦. وقوله : (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) ـ المائدة ٧٤ ، وقوله : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ـ آل عمران ٥٩ .. بالإضافة إلى أن الله سبحانه نفخ في آدم من روحه ، حيث قال عز من قائل : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) ـ الحجر ٢٩». فينبغي أن يكون آدم على زعمهم إلها ، والفرق تحكم.
جاء في مجمع البيان ان أوائل سورة آل عمران الى نيف وثمانين آية نزلت بوفد نجران ، وكانوا ستين راكبا قدموا على رسول الله (ص) بالمدينة ، وحين حانت صلاتهم أقبلوا يضربون بالناقوس ، وقاموا فصلوا في مسجد رسول الله ، فقال الأصحاب : يا رسول الله هذا في مسجدك؟ فقال : دعوهم ، فصلّوا إلى المشرق .. وبعد أن انتهوا من الصلاة قال النبي (ص) للسيد والعاقب ، وهما رئيسا الوفد : أسلما قالا له : قد اسلمنا قبلك. قال : كذبتما ، يمنعكم من الإسلام الزعم بأن لله ولدا ، وعبادة الصليب ، وأكل لحم الخنزير.
قالا : ان لم يكن عيسى ابن الله فمن أبوه؟ قال : ألا تعلمون ان الولد