الإعراب :
خير أمة منصوب على الحال من الضمير في كنتم ، لأن كان هنا تامة ، وجملة تأمرون بالمعروف لا محل لها من الإعراب ، لأنها جواب عن سؤال مقدر ، فهي أشبه بالجملة الواقعة في ابتداء الكلام. ولكان خيرا اسم كان ضمير مستتر يعود على الإيمان المتصيد من لفظ آمن ، تماما كما تقول : من صدق كان خيرا له ، أي كان الصدق خيرا له ، وأذى وقع موقع المصدر ، أي لا يضروكم إلا ضررا يسيرا ، ولا ينظرون بالرفع ، لأنه كلام مستأنف ، ولا يجوز عطفه على يولوكم الأدبار ، لأن عدم النصر غير مسبب عن القتال ، بل عن الكفر ، وعليه فهم لا ينصرون إطلاقا ، سواء أقاتلوا ، أو لم يقاتلوا.
المعنى :
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ). يقع الكلام في هذه الآية من وجوه :
١ ـ في المقصود بالأمة .. وليس من شك ان المراد بها هنا أمة محمد (ص) بدليل السياق وتوالي مخاطبات المؤمنين من قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ .. وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ .. وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ ..* وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ .. وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا ..) الى قوله سبحانه : كنتم خير أمة.
٢ ـ هل المراد بالأمة جميع المسلمين في كل عصر ، أو خصوص من كان منهم في الصدر الأول كالأصحاب والتابعين؟
الجواب : ان تعيين المراد بالأمة هنا يتوقف على معرفة المراد من (كان) .. وهي بحسب وضعها ناقصة تحتاج الى اسم وخبر ، وتدل على حدوث الفعل في آن مضى ، مع سكوتها وعدم دلالتها على الآن السابق الذي حدث فيه الفعل ، ولا على الزمان اللاحق له الا بقرينة مقالية أو مقامية ، مثل كان زيد قائما فإنه محمول على حدوث القيام وانقطاعه ، أي لم يكن زيد قائما فقام فترة من الزمن الماضي ، دون أن يستمر قيامه مدى حياته ، والذي أفاد هذا المعنى لفظ قائم