الدين ، وكل خلق كريم ، فإذا رأوا مصليا أو صائما قالوا له ساخرين : أصلاة وصيام في القرن العشرين؟
وقال صاحب تفسير المنار عند تفسير الآية التي نحن بصددها : «الحق أقول : ان هذه الأمة ما فتئت خير أمة أخرجت للناس ، حتى تركت الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وما تركتهما رغبة عنهما أو تهاونا بأمر الله تعالى بإقامتهما ، بل مكرهة باستبداد الملوك والأمراء من بني أمية ، ومن سار على طريقهم من بعدهم».
وعلى أساس ان الأشياء تذكر بأضدادها كما تذكر بنظائرها نسجل هذا الحديث الشريف الذي ذكره الحافظ محب الدين الطبري ، قال : «قال رسول الله (ص) : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تعلق بها فاز ، ومن تخلف عنها غرق» .. أما حديث «اني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي» فقد رواه خمسة وثلاثون راويا من الأصحاب.
(وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ). أي لو ان أهل التوراة والإنجيل آمنوا بمحمد (ص) لكان الايمان خيرا لهم في الآجل والعاجل. (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ). أي ان أهل الكتاب منهم من آمن بمحمد (ص) كعبد الله بن سلام ورهطه من اليهود ، وغيرهم من النصارى ، وأكثرهم بقي على الكفر .. ولفظ الكفر والفسق يتناوبان ، فيستعمل الكفر في الفسق ، والفسق في الكفر ، والمراد بالفسق هنا الكفر.
(لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ). الضرر على نوعين : الأول عبارة عن مجرد الحزن والألم الذي يذهب مع الأيام ، كالذي يحدث في النفس من سماع كلمة نابية ، والضرر الثاني يمس الحياة ، ويهز الكيان ، كالضرر الناشئ عن دولة إسرائيل في قلب البلاد العربية.
وقد بشّر الله سبحانه أصحاب محمد (ص) ان أهل الكتاب لا يستطيعون اضرارهم الا بالكلام كالهجو والافتراءات ، أما في ميدان القتال ، فأنتم المنتصرون عليهم ، وصدق الله وعده ، ونصر المسلمين الأول على المسيحيين وغيرهم.