كتخويف المشركين ، وحصول الطمأنينة للمؤمنين؟ الله أعلم .. ولا يجب علينا البحث والتنقيب عن ذلك : على انه إذا بحثنا فلن نصل الى يقين.
أجل ، هناك أدلة تفيد ان الملائكة تتصور بصورة البشر ، منها ما أخبر الله به عن ضيف ابراهيم (ع) في الآية ٥١ وما بعدها من سورة الحجر : (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) ـ الى قوله ـ (إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ). ومنها عن ضيوف لوط الآية ٧٧ سورة هود ، ومنها قوله تعالى : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) ـ ١٧ مريم». ومنها ان جبريل كان يأتي رسول الله (ص) في صورة دحية الكلبي .. ولكن تصور الملائكة بصورة البشر لا يحتم انهم قاتلوا من أجل المسلمين ، بل من الجائز أن يناصروهم بطريق آخر غير القتال.
وتسأل : ان الله سبحانه قال في الآية ٩ من سورة الأنفال : (أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ). وقال في الآية ١٢٤ من آل عمران : (يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ). وقال في الآية التي بعدها بلا فاصل : (إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) ـ الى قوله ـ (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ). تسأل : هل أمدهم الله أولا بألف ، ثم بثلاثة ، ثم بخمسة ، حتى صار المجموع تسعة ، أو ما ذا؟
ومما أجيب به عن ذلك ان الله أمدهم أولا بألف مردفين ، أي لهم تبع ، ثم ضم الى الألف ألفين ، فصاروا ثلاثة ، ثم ضم الى الثلاثة ألفين آخرين ، فصار المجموع خمسة.
وقال قائل : ان الله أمد المسلمين يوم بدر بألف. ثم بلغهم ان بعض المشركين يريد أن يمد قريشا بعدد كبير من المقاتلين ، فخاف المسلمون ، وشق ذلك عليهم ، لقلة عددهم ، فوعدهم بخمسة آلاف من الملائكة ان جاء المدد الى قريش ، ولكن بثلاثة شروط ، وهي الصبر والتقوى ومجيء الكفار على الفور ، كما نطقت الآية : (إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا) .. ولكن هذا المدد لم يأت قريشا ، فاستغنى المسلمون عن الامداد بالزيادة على الألف.
(وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ). الهاء في (جعله) يعود على غير مذكور بلفظه وهو الامداد والوعد به ، وانما استخرجناه من يمدد ،