لها دوي عظيم في أرجاء البلاد العربية .. وسنعود الى وقعة بدر ان شاء الله حين نصل بالتفسير الى قوله تعالى : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) ـ الآية ٧ من سورة الانفال.
المعنى :
(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). هذا تذكير بنصر الله للمسلمين يوم بدر لتقوى قلوبهم ، وكانوا آنذاك في قلة من العدد ، وفي غير منعة من العدة ، إذ كان عدد المسلمين ٣١٣ رجلا ، ولم يكن معهم الا فرس واحد ، وكان المشركون حوالى ألف ، ومعهم مائة فرس ، ومع ذلك قتل من المشركين ٧٠ ، وأسر ٧٠ ، وانهزم الباقون.
والقصد من تذكيرهم هذا أن يبين لهم ان الانتصار في معركة من المعارك لا يعد نصرا حاسما ، ولا الانكسار في معركة من المعارك يكون انكسارا نهائيا ، وانما النصر النهائي للصابرين الثابتين ، والمتقين المخلصين ، وقد دلت الأحداث والحروب قديما وحديثا على هذه الحقيقة وصحتها بخاصة الحرب العامة الأخيرة التي ابتدأت سنة ١٩٣٩ ، وانتهت سنة ١٩٤٥.
(إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ). كان هذا القول من النبي (ص) يوم بدر : (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ). أي نازلين من السماء. (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا). بلى إيجاب للنفي ، أي يكفيكم هذا الامداد ، وضمير الغائب في يأتوكم للمشركين ، وضمير المخاطب للمؤمنين ، ومن فورهم أي من ساعتهم. (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ). مسومين من السيماء ، أي لهم علامة تدل عليهم.
وقد دل قول الله هذا دلالة لا تقبل التأويل انه جلت قدرته قد أمد المسلمين بالملائكة في بعض حروبهم ، وقد دلت الروايات الكثيرة ، واتفق المسلمون على ان الله أنزل الملائكة يوم بدر لنصرة المؤمنين ، واختلفوا في إنزالهم يوم أحد ، وليس من شك ان الله سبحانه أنزل الملائكة يوم بدر لنصرة المؤمنين ، ولكن لا نعلم نوع هذا النصر : هل كان نصرا ماديا كالقتال ، أو نصرا معنويا