المعنى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). ذكر المفسرون وجوها عديدة لربط هذه الآية بما قبلها. وسبق ان أشرنا أكثر من مرة الى ان من سنة القرآن ان يمزج بعض الأحكام ببعض ، بالاضافة الى ان آياته نزلت بالتدريج ، ولمناسبات شتى.
واستدل البعض بهذه الآية على ان الربا المحرم هو الربا الفاحش ، أما غير الفاحش فليس بحرام ، لمكان لفظ أضعافا مضاعفة.
والصحيح ان الربا محرم بجميع أقسامه ومراتبه .. وأضعافا ليس قيدا للنهي ، وانما هو اشارة الى ما كان عليه المرابون في الجاهلية .. هذا ، الى وجود الأخبار ، وقيام الإجماع على ان قليل الربا محرم كالكثير منه ، بل كل ما كان كثيره حراما فقليله كذلك ربا كان أو غير ربا.
وأطال صاحب تفسير المنار الشرح والتفصيل عند تفسير هذه الآية ، وانتهى أخيرا الى ان الربا على قسمين :
القسم الأول ربا النسيئة ، وهو ان يكون للرجل دين على آخر الى أجل ، فإذا حلّ الأجل ، وعجز المديون قال للدائن : زدني في الأجل ثانية ، وأزيدك في المال ، وهكذا كلما زاد الأجل ، زاد المال. ثم قال صاحب المنار : ان هذا النوع من الربا محرم لذاته.
القسم الثاني : أن يعطيه مائة درهم بمائة وعشرة الى أجل ابتداء ، وادخل صاحب المنار هذا القسم بربا الفضل ، وقال : ان هذا النوع ليس محرما لذاته ، وانما يحرم لسد الذريعة ، أي خوفا أن يجر الى ربا النسيئة الذي هو محرم ذاتا ، وبكلمة ان ربا النسيئة عند صاحب المنار محرم كغاية ، وربا الفضل محرم كوسيلة ، ثم قال : «ان ربا الفضل يباح للضرورة ، بل وللحاجة كما قال ابن القيم».
ويلاحظ : ان النص الثابت كتابة وسنة يحرم جميع أنواع الربا من غير فرق بين أن يكون التأجيل للمرة الأولى ، أو للمرة الثانية.
ثانيا : ان قوله «بل وللحاجة» من سهو القلم ، لأن الضرورات تبيح المحظورات ، أما الحاجات فليس ، والفرق بين الحاجة والضرورة ان الحاجة