الإعراب :
وأنتم الأعلون مبتدأ وخبر ، والجملة معترضة لا محل لها من الإعراب ، وقيل : في موضع نصب على الحال ، وتلك مبتدأ ، والأيام عطف بيان ، وجملة نداولها خبر. وليعلم الله عطف على محذوف ، والتقدير لأن الحكمة اقتضت المداولة ، وليعلم الله ، اللام في ليعلم لام كي.
المعنى :
(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا). من أهم ما يحرص عليه القائد الحكيم أن تكون الروح المعنوية في جنده قوية عالية ، وان يدرأ عن أنفسهم الوهن والخوف ، لأن الغلب لا يرجع الى القوة فحسب ، وانما يرجع قبل كل شيء الى الثبات وقوة العزيمة .. ان عدوك يخشى من عزمك وتصميمك على مقاومته أكثر من تسليحك بأفتك الأسلحة ، لأن هذه لا تجدي نفعا ، مع عدم العزم والتصميم على المقاومة ، وقد رأينا صحف الاستعمار واذاعاته وعملاءه يبثون الدعاية له وللصهيونية عن طريق الحرب النفسية ، وتفتيت عزيمة العرب ، والتشكيك في مقدرتهم على المقاومة .. ان احتلال النفوس هو الركيزة الأولى للاستعباد ، واحتلال البلاد .. وقد أرشدنا القرآن الكريم الى هذه الحقيقة بقوله : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا).
أما قوله : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). فهو اشارة الى أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ، فمن تمكن الإسلام من قلبه لا يلين ولا يفزع ، حتى ولو مات في سبيل دينه ، وإعلاء كلمة الحق ، وانما يحسن اللين والتساهل من المسلم في حقه الخاص ، لا فيما يعود الى دينه وعقيدته.
(إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ). اي ان نال منكم العدو يوم أحد فقد نلتم منه يوم بدر ، ومع ذلك لم يضعف ، بل أعد العدة لكم ، وأعاد الكرة عليكم ، فليكن هذا شأنكم معه.
(وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ). المراد بالأيام هنا القوة ، وانها تارة تكون لهؤلاء ، وتارة لأولئك .. وكانت القوة في العصور المتخلفة تتمثل في المال