(إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا). كان المنافقون يسندون موت المسافر في السفر ، وقتل الغازي الى نفس الحرب والسفر ، لا إلى الأجل المرسوم عند الله .. وقد نهى سبحانه المؤمنين عن مثل هذا القول ، لأن فيه استجابة لدسائس المنافقين وتلبية لأهوائهم ، أما إذا لم يقولوا ذلك ، وأسندوا موت من مات ، وقتل من قتل في الحل والترحان ، والسلم والحرب ، أسندوا ذلك إلى الله وحده فإنهم يردون كيد المنافقين الكائدين في نحورهم ، ويثيرون الحسرة واللوعة في قلوبهم.
والمراد بالاخوة هنا مطلق العلاقة نسبا كانت أو صداقة أو مشابهة في العقيدة والأخلاق.
(لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) أي ان الله نهى المؤمنين عن التشبه بالمنافقين قولا وفعلا ، لأن هذا التشبه يسرهم ، ويحقق مقاصدهم ، وعدمه يزعجهم ويغيظهم. (وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ). فالآجال كلها بيده ، ولا تأثير للحرب ، ولا للسفر .. فقد يسلم المسافر والمحارب ، ويميت المقيم والقاعد ، وهذا رد على قول المنافقين : ان كلا من السفر والحرب سبب للموت. (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). هذا ترغيب في طاعة الله ، وتهديد لمن يقتدي بأهل الكفر والنفاق في قول أو فعل.
(وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) كل من دافع عن الحق أو عن نفسه بسيفه أو قلمه أو لسانه وقتل فقد قتل في سبيل الله ، وكل من كافح وناضل من أجل العيش أو العلم أو ما ينفع الناس بجهة من الجهات ومات فقد مات في سبيل الله ، وكل من قتل أو مات في سبيل الله فقد استوجب الصفح عن الذنوب وعلو الدرجات في الدنيا والآخرة. وقوله : (خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) معناه ان الأجدر بالمؤمن أن يؤثر الآجلة الدائمة ، وهي مغفرة الله ورحمته على العاجلة الفانية ، وهي ما يجمعه الذين يحرصون على التمتع بالشهوات والملذات.
(وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ). هذا هو مصير الإنسان ، سواء أفارق الحياة بالقتل أو بأي سبب من الأسباب .. وهو مجزي بما أسلف ، ان خيرا