حتى أثخن بالجراح. (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ). فيما يختص بحقوق الله تعالى ، حيث عصوه بالهزيمة وترك القتال .. وقوله تعالى لنبيه : (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) يدل بالفحوى على ان الله سبحانه قد عفا عنهم ، وغفر لهم ، وإلا لم يأمر نبيه بذلك.
(وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ). قال الرازي : ذهب كثير من العلماء الى ان الألف واللام في لفظ الأمر ليسا للاستغراق ، بل للعهد ، والمعهود في هذه الآية الحرب ولقاء العدو ، فيكون قوله تعالى : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) مختصا بالحرب فقط .. وقال آخرون : انه يشمل جميع الأمور الدنيوية دون غيرها .. ثم نقل الرازي عن الشافعي ان شاورهم هنا للندب لا للوجوب .. والحكمة في المشورة أن تطيب قلوبهم ، وترتاح نفوسهم .. وهذا القول أقرب الى الاعتبار ، لأن المعصوم لا يسترشد برأي غير المعصوم.
ومهما يكن ، فان الدين بعقيدته وشريعته هو من وحي السماء ، وليس لأحد فيه رأي ، حتى الرسول (ص) فانه مبلغ لا مشرّع ، وقد خاطبه الله بقوله : ليس لك من الأمر شيء .. انما أنت منذر.
(فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ). أي إذا عقدت الرأي على فعل شيء بسبب المشورة أو غيرها فامض في التنفيذ ، على أن تأخذ الاهبة ، وتستكمل العدة معتمدا على إعانة الله وحده في النجاح والظفر.
(إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ). ونصره تعالى انما يكون مع مراعاة الأسباب التي جعلها الله موصلة الى النصر ، وهي بالاضافة الى التوكل على الله استكمال العدة التي أشار اليها بقوله : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) ـ ٦٠ الأنفال».
(وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ). ان الله يخذل المتخاذلين الذين لا تجتمع كلمتهم على خير ، قال تعالى ، (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) ـ ٤٦ الأنفال».
والخلاصة ان استكمال العدة من غير الإخلاص لا يجدي شيئا ، كما جرى للمسلمين يوم حنين : (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) ـ ٢٦ التوبة». كما ان