لنا أو صفة لنا. وان كانوا (ان) مخففة من الثقيلة ، وهي مهملة ، لأن الأكثر عدم عملها ، ولام (لفي) فارقة بين ان المخففة ، وان النافية.
المعنى :
(وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ). قرئ يغل مبنيا للفاعل ، أي ان النبي لا يخون في الغنيمة ولا في غيرها ، كما يظن الجاهلون ، وقرئ مبنيا للمفعول ، أي لا يجوز لأحد أن يخون النبي في الغنيمة.
وفي كثير من التفاسير ان الدافع الذي حمل الرماة ان يتركوا مكانهم ، ويخلوا ظهر المسلمين هو خوفهم ان لا يقسم لهم رسول الله ، ويقول : من أخذ شيئا فهو له. فقال لهم النبي (ص) : أظننتم أنّا نغل ، أي نخونكم ، فنزلت الآية. واللفظ لا يأبى هذا المعنى ، كما ان السياق أيضا لا يرفضه ، لأنه ما زال في وقعة أحد.
ومهما يكن ، فان الذي نستفيده من الآية بوجه عام ، وبصرف النظر عن سبب النزول ان الأنبياء معصومون لا يمكن أن تقع منهم الخيانة ، لأن الصادق بما هو صادق لا يمكن أن يقع منه الكذب ، والا لم يكن صادقا ، والحلو بما هو حلو لا يمكن أن يكون مرا .. اللهم إذا سميت الأشياء بأضدادها .. وعندها تبطل المقاييس.
(وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ). أي من خان وسرق شيئا يأتي غدا بإثم الشيء الذي سرقه ، وينال ما كسب مستوفيا لا ينقص منه شيء ، ويفتضح أمام الخلائق أجمعين .. وقيل : بل يأتي ، ومعه المسروق بالذات ـ مثلا ـ من سرق بعيرا يجيء يوم القيامة حاملا البعير على رقبته .. قيل هذا استنادا الى حديث طويل عن رسول الله (ص) .. وان صح الحديث فهو كناية عن حمل آثام المعصية ، لا حمل أسبابها بالذات ، فهذه الآية نظير الآية ١٢٣ من سورة النساء : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً).