علي : شتان بين عملين : عمل تذهب لذته ، وتبقى تبعته ، وعمل تذهب مئونته ، ويبقى أجره .. وقال : ان الحق ثقيل مريء ، وان الباطل خفيف وبيء. من الوباء. أي ان الحق مر المذاق ، ولكنه حميد العاقبة ، والباطل حلو المذاق ، ولكنه وخيم العاقبة .. وأي عاقبة ومصير أسوأ من غضب الجبار وعذاب النار.
(هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ). ضمير (هم) يعود على من اتبع رضوان الله ومن باء بسخطه معا. والمعنى ان المطيعين يتفاوتون في الطاعات من المجاهدين في سبيل الله بأنفسهم الى القاعدين غير أولي الضرر .. وكذا العاصون يتفاوتون في المعاصي من الجناية الى الجنحة .. فوجب ، والحال هذه ، أن يتفاوت هؤلاء في العقاب ، وأولئك في الثواب.
(لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ). مر نظيرها في سورة البقرة الآية ١٢٩. وعلى أية حال ، فقد تضمنت هذه الآية الأمور التالية :
١ ـ ان الرسول احسان من الله الى الخلق ، لأن الرسول ينقلهم من الجهل الى العلم ، ومن المذلة الى الكرامة ، ومن معصية الله وعقابه الى طاعته وثوابه.
٢ ـ ان هذا الإحسان قد تضاعف على العرب بالخصوص لأن محمدا (ص) منهم ، يباهون به جميع الأمم.
٣ ـ انه يتلو عليهم آيات الله الدالة على وحدانيته ، وقدرته وعلمه وحكمته.
٤ ـ انه يطهرهم من أرجاس الشرك والوثنية ، ومن الأساطير والخرافات ، والتقاليد الضارة ، والعادات القبيحة.
٥ ـ يعلمهم الكتاب أي القرآن الذي جمع كلمتهم ، وحفظ لغتهم ، وحثهم على العلم ومكارم الأخلاق ، ويعلمهم الرسول أيضا الحكمة ، وهي وضع الأشياء في مواضعها ، وقيل : ان المراد بها هنا الفقه .. وخير تفسير لهذه الآية ما قاله جعفر بن أبي طالب لنجاشي الحبشة :
«أيها الملك. كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ..