٣ ـ ان يؤمن ، ولكنه لم يعمل صالحا مدة حياته .. وهذا من حزب الشيطان ، تماما كالثاني .. ولو كان مؤمنا حقا لظهرت عليه علامة من علامات الايمان ، قال رسول الله (ص) : لا ينجي الا العمل ، ولو عصيت لوهيت. أما إذا خلط عملا صالحا ، وآخر سيئا ، واعترف بذنبه فتشمله الآية ١٠٣ من التوبة : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
٤ ـ ان يعمل صالحا ، ولا يؤمن ، كالكافر يطعم جائعا أو يكسو عاريا أو يشق طريقا أو يبني ميتما أو مصحا لوجه الخير والانسانية .. وقيل ان عمله هذا وعدمه سواء ، لقوله تعالى : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) ـ ٣٠ المائدة». والكافر ليس من المتقين ، إذ ليس بعد الكفر ذنب.
ونجيب أولا : ليس المراد من قوله تعالى : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) ان الإنسان إذا عصى الله في شيء لا يقبل منه إذا أطاعه في شيء آخر .. والا لزم ان لا يتقبل الا من المعصوم .. وهذا يتنافى مع عدله وحكمته ، وانما المراد من الآية ان الله سبحانه لا يقبل الا العمل الخالص من كل شائبة دنيوية ، وان من عمل لغير الله والخير يكله الى من عمل له .. وليس من شك ان من عمل الخير لوجه الخير والانسانية فقد عمل لله ، سواء أراد ذلك ، أم لم يرد ، ومن عمل لله فأجره على الله.
أما المراد من (ليس بعد الكفر ذنب) فهو ان الكفر أكبر الكبائر على الإطلاق ، وان الذنب مهما عظم فانه دون الكفر بمراتب .. وهذا شيء ، وجزاء من أحسن شيء آخر.
ثانيا : ان الله سبحانه عادل ، ومن عدله أن لا يكون المحسن والمسيء لديه سواء ، بل للمسيء جزاؤه ، وللمحسن جزاؤه ، وليس من الضروري ان يكون جزاء المحسن غير المؤمن في الآخرة .. فقد يكون في الدنيا بكشف الضر والبلوى ، قال رسول الله (ص) : «صنائع المعروف تقي مصارع السوء» .. وأيضا لا ينحصر جزاء الآخرة بالجنة ، فقد يكون بتخفيف العذاب ، أو لا عذاب ولا ثواب ، كما هي حال أهل الاعراف.
واختصارا ان الإنسان مجزي بأعماله ، ان خيرا فخير ، وان شرا فشر ،