أباح له أن ينقل الامتياز الى الوارث والمشتري .. والفرق بعيد بين الملك الحقيقي والامتياز.
والخلاصة ان الإسلام أباح للإنسان حيازة المال بشروط خاصة ، وإنفاقه ضمن نطاق معين ، وشدد على مراعاة تلك الشروط ، وهذا النطاق ، وحرم التجاوز عنهما ، وهذا وحده كاف وصريح في الدلالة على ان الإنسان وكيل على المال ، لا أصيل ، والا جاز له التصرف بلا قيد ولا شرط. وخير ما نختم به هذا الفصل قول الإمام جعفر الصادق (ع) : المال مال الله وهو ودائع عند عباده ، وجوز لهم أن يأكلوا قصدا ـ أي مقتصدين ـ ويلبسوا قصدا ، وينكحوا قصدا ، ويركبوا قصدا ، ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين ، ويلموا به شعثهم ، فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالا ويشرب حلالا ، ويركب وينكح حلالا ، وما عدا ذلك كان عليه حراما.
(لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ). لم تذكر الآية أسماء الذين نطقوا بهذا الكفر ، ولكن المفسرين نقلوا ان الله حين أنزل على نبيه قوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) قال يهود المدينة الذين كانوا في عهد الرسول (ص) : «انما يستقرض الفقير من الأغنياء .. اذن ، الله فقير ، ونحن أغنياء» .. وليس هذا بمستبعد على اليهود ، بخاصة الاثرياء منهم ، فان مبادئهم وأعمالهم تدل دلالة واضحة على هذه الروح الشريرة ، واللامبالاة بالقيم والانسانية .. ومن تتبع تاريخهم يجد ان ما من بقعة من بقاع الأرض إلا وتركوا فيها أثرا من مفاسدهم ومقاصدهم الطاغية الباغية .. ولا شيء أصدق وأبلغ في تصوير حقيقة اليهود من قوله تعالى : (وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ، لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ ، وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا) ـ ٦١ المائدة.
ولست أشك إطلاقا في ان كل من يعترض على حكمة الله ، ويقول بلسان المقال أو الحال : ما كان ينبغي لله أن يفعل كذا ، وكان عليه أن يفعل كيت ، لست أشك في ان هذا يلتقي من حيث يريد أو لا يريد ، مع الذين قالوا : يد الله مغلولة.