(آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ). ومعنى جعله خليفة أقامه مقامه.
فالآيات والأحاديث تفيد ان الإسلام لا يقر ملكية الإنسان للمال بشتى معانيها ، سواء أكانت الملكية فردية مطلقة ، كما هي في المذهب الرأسمالي ، أو ملكية مقيدة ، كما هي في المذهب الاشتراكي ، او ملكية جماعية ، كما هي في المذهب الشيوعي .. كل هذه الأنواع للملكية ينفيها الإسلام ، ويحصر الملك الحقيقي بالله وحده ، ولكنه سبحانه قد أباح للإنسان أن يتصرف في هذا المال ، وينفقه على نفسه وأهله بالمعروف ، وفي سبيل الخير ، على شريطة أن يصل اليه عن طريق ما أحله الله ، لا عن طريق ما حرم ونهى ، كالغش والخداع ، والنهب والسلب ، والرشوة والربا والاحتكار والاتجار بالمسكرات والمحرمات ، فالاذن بالاستيلاء على المال محدود بحدود ، والاذن بالتصرف فيه أيضا محدود ضمن نطاق خاص.
وتسأل : ان بعض الآيات تدل على ان المال ملك للإنسان ، مثل : (وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ .. وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ). وفي الحديث : «ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام .. الناس مسلطون على أموالهم» أما البيع والإرث فهما من ضرورات الدين ، والشريعة الاسلامية .. اذن ، لا مسوغ للقول بأن الإسلام يلغي الملكية بشتى أنواعها؟
الجواب : ان الاضافة تصح لأدنى مناسبة ، تقول للضيف : هذا اناؤك ، وللضال : هذا طريقك ، مع العلم بأن الإناء ليس ملكا للضيف ، ولا الطريق ملكا للضال ، وانما القصد ان يسلك الضال الطريق المشار اليه ، ويأكل الضيف الطعام الذي في الإناء .. ومثله تماما اضافة المال للإنسان ، يقصد منها أن يتصرف فيه على سبيل الاباحة والاذن بالتصرف ، لا على سبيل الملك ، ومنه قوله تعالى : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) ـ ٧٤ النحل». وقول الرسول (ص) : «أنت ومالك لأبيك» .. وبديهة ان الزوجة ليست ملكا طلقا للزوج ، ولا الولد ملكا حقيقيا للوالد.
أما البيع والإرث فيكفي لجوازهما حق الامتياز والاختصاص ، أي ان الإسلام قد جعل لصاحب اليد امتيازا على غيره في التصرف بالمال ، وفي الوقت نفسه