المدح ، أي أعني أو امدح الذين الخ ، ومثله الصابرين ، وبقية الصفات معطوفة على الصابرين.
المعنى :
(قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ). ذكر سبحانه أولا حب الناس للنساء والمال والبنين ، ثم نعت هذه الأشياء وما اليها بمتاع الحياة الدنيا ، والدنيا بما فيها الى زوال ، ثم بيّن ان الله عنده حسن المآب ، أي ان الإنسان بعد رجوعه إلى ربه يجد عنده خيرا من النساء والمال والبنين ، ومن الدنيا كلها ، ثم فصّل في هذه الآية ، وهي : قل اؤنبئكم الخ ما أجمله في الآية السابقة ، وهو قوله : (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ).
(جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ). هذه الثلاثة هي خير من النساء والمال والبنين ، وهي حسن المآب : الأول منها جنات لا تزول كالحرث والخيل والانعام ، الثاني : أزواج مطهرة من الحيض والأحداث والأخباث ، ومن كل ما تنفر النفوس منه ، الثالث : رضوان الله ، وهو أكبر وأعظم من الدنيا والآخرة مجتمعتين ، كل ذلك جعله الله جزاء لمن خاف مقام ربه ، ونهى النفس عن الهوى.
(الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ) الصابر هو الذي يكافح ويناضل متكلا على الله ، ويرضى بنتيجة كفاحه مهما تكن ، والصادق هو الذي يؤثر الصدق ، حيث يضره على الكذب ، حيث ينفعه ، والقانت هو العابد المطيع ، والمنفق هو الذي ينفق أمواله على نفسه وعياله ، وفي سبيل الله ، والسحر هو الوقت الذي قبل الفجر ، وهو خير الأوقات كلها للعبادة والدعاء ، كما جاء في الحديث ، لأنه أبعد عن شبهة الرياء ، ولأنه الوقت الذي يطيب فيه النوم ، ويشق القيام ، وأفضل الأعمال أشقها وأحمزها ، مع العلم بأن خدمة الإنسان أفضل من عامة الصلاة والصيام.