الإعراب :
الأرحام منصوب عطفا على لفظ الجلالة ، أي اتقوا الله ، وقطع الأرحام.
المعنى :
في هذه الآية أمور نبينها فيما يلي :
١ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ). قيل : يا أيها الناس خطاب لأهل مكة. والصحيح انه عام لجميع المكلفين ، لأن ظاهر اللفظ يشمل الكل ، ولا دليل على التخصيص ، بل الأمر بالتقوى يؤكد الشمول والعموم ، لأن وجوب اتقاء المعاصي لا يختص بفئة دون فئة.
٢ ـ (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ). نقل صاحب تفسير المنار عن استاذه الشيخ محمد عبده ان الله تعالى «قد أبهم أمر النفس التي خلق الناس منها ، وجاء بها نكرة ، فندعها نحن على إبهامها .. وما ورد في آيات أخرى من مخاطبة الناس بقوله : (يا بَنِي آدَمَ) لا ينافي هذا ـ أي لا يرفع الإبهام ـ ولا يعد نصا قاطعا في كون جميع البشر من أبناء آدم ، إذ يكفي في صحة الخطاب أن يكون من وجّه اليهم الخطاب في زمن التنزيل هم من أولاد آدم ، وقد تقدم في تفسير قصة آدم في أوائل سورة البقرة انه كان في الأرض قبله نوع من هذا الجنس فسدوا فيها ، وسفكوا الدماء».
ويتلخص ما أراده الشيخ عبده ان القرآن لا يثبت ولا ينفي ان آدم أب لجميع البشر ، بل من الجائز أن يكون للبشر العديد من الآباء ، وآدم واحد منهم ، أما قوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ) فإنه ان دل على شيء فإنما يدل على ان الذين خوطبوا بذلك في عهد محمد (ص) كانوا أولادا لآدم ، ولا يدل على ان كل من كان ويكون من البشر هو من نسل آدم ، بل يجوز أن يكون له أب غير آدم. هذا ملخص ما أراده الشيخ.
ونجيبه أولا بأن الأوامر والنواهي الواردة في الكتاب والسنة لا تختص بمن وجد حال الخطاب ، بل تشمل كل من وجد ويوجد إلى آخر يوم ، لأنها من القضايا