عن قريب أن يتوب المذنب قبل أن يساق إلى الموت ، لأن الموت آت لا ريب فيه ، وكل آت قريب ، أما قوله : انما التوبة على الله فهو على حذف مضاف كما بينا في فقرة الإعراب ، أي قبول التوبة عليه جل وعلا ، والمعنى المحصل ان من أساء ، ثم ندم وأناب يقبل الله انابته ، ويصفح عنه ، حتى كأنه لا ذنب له ، بل ان الله سبحانه يثيبه ثوابا حسنا.
وتسأل : ان ظاهر الآية يدل على انه يجب على الله أن يقبل التوبة من النادمين ، مع العلم بأن الله يوجب على غيره ما يشاء ، ولا يوجب أحد عليه شيئا ، إذ ليس كمثله شيء.
الجواب : ليس المراد ان الغير يوجب على الله أن يقبل التوبة .. تعالى الله .. وانما المراد ان فضله وكرمه يستوجب هذا القبول ، تماما كما تقول للكريم : ان كرمك يفرض عليك البذل والعطاء ، ومن ذلك قوله تعالى : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ).
(فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ). ما داموا راغبين رغبة حقيقية في العودة إلى صفوف المؤمنين الأخيار. (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) عليم بالتوبة النصوحة والزائفة ، حكيم بقبول الأولى من التائب ..
(وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ). ان الله يقبل من تاب اليه ، على شريطة أن يتوب قبل أن تظهر له أمارات الموت ، أما من تاب ، وهو يساق إلى القبر فلا تقبل توبته ، لأنها توبة العاجز عما يئس من نواله.
وتسأل : وما ذا أنت صانع بما روي عن رسول الله (ص) : «من تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه ، وان الساعة لكثير ، من تاب ، وقد بلغت الروح هذه ـ مشيرا الى حلقه ـ تاب الله عليه؟.
الجواب : في هذه الرواية نظر ، لأمور :
الأول : انها تخالف كتاب الله ، وقد ثبت عن رسول الله (ص) انه قال : «قد كثرت عليّ الكذابة في حياتي ، وستكثر بعد وفاتي ، فمن كذب عليّ