كاتب ، أو دونها ، وانتظروا الفرص متوكلين على الله سبحانه .. وما مضت الأيام ، حتى ارتفعوا شيئا فشيئا إلى أسمى المناصب. وجاء في الحديث : القناعة ملك لا يزول .. وكنز لا يفنى .. والمعنى المقصود ان من يكتفي بما يجد ، ولا يتعالى عليه احتقارا له ، ورغبة فيما لا يجد فإنه في غنى دائم ، تماما كمن يملك كنزا لا يفنى.
(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئا). المعنى واضح ، ويتلخص بقوله تعالى : (وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) ـ ٤٩ الأحزاب» ، والسراح الجميل الطلاق ، مع تأدية جميع مالها من حق .. وقال بعض المفسرين : اختلف العلماء في تحديد القنطار على عشرة أقوال .. والصحيح انه كناية عن الكثرة .. وقصة المرأة التي اعترضت على عمر بن الخطاب حين أراد أن يحدد المهر ، واعتراضها عليه بهذه الآية ـ أشهر من أن تذكر. (أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً). أي تأخذونه باطلا وظلما ، كالظلم بالبهتان.
وتسأل : لما ذا خص الله النهي عن أخذ مال الزوجة في حال استبدالها بأخرى ، مع العلم بأن الأخذ محرّم على كل حال؟
الجواب : ليس من شك ان الأخذ محرم ، سواء استبدل ، أو لم يستبدل ، وقد تكون الحكمة في ذكر الاستبدال بالخصوص ان الزوج ربما توهم ان له أخذ المهر من الأولى ليدفعه للثانية ، لأنها ستقوم مقامها ، فيكون لها كل ما كان لتلك ، ولأن الدفع للاثنتين يثقل كاهله .. فأزال الله سبحانه هذا الوهم بالنص على الاستبدال بالذات.
(وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ). قال بعض المفسرين : المراد بالافضاء هنا عملية الجنس فقط. وقال آخرون : بل والخلوة أيضا. وقال ثالث يجيد صناعة الكلام : «المراد بالافضاء العواطف والمشاعر ، والوجدانيات والتصورات ، والأسرار والهموم ، والتجارب والذكريات ، والاختلاجات واللحظات» إلى آخر الصفات المسطورات .. رحمة الله عليه .. وأحسن ما جاء في كتب التفاسير لمعنى الإفضاء ما قاله الشيخ محمد عبده : «هو اشارة إلى أن وجود كل من الزوجين جزء متمم لوجود الآخر ، فكأنّ بعض الحقيقة كان منفصلا عن بعضها الآخر ، فوصل اليه بهذا الإفضاء ، واتحد به».