(وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ). إذا جرى الزواج على مهر مبين محدد في متن العقد يصبح حقا لازما للزوجة ، تتصرف فيه كيفما تشاء ، ولكن هذا لا يمنع أن يتراضى الزوجان بعد ذلك على ترك المهر كلا أو بعضا ، أو الزيادة عليه ، كما انه لا مانع أن يتراضيا على نوع النفقة ومقدارها ، أو تركها من الأساس ، أو يتراضيا على الطلاق ، أو على الرجوع بعد الطلاق ، أو بعد انقضاء أمد المتعة ، وما إلى ذلك ضمن الحدود الشرعية.
(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ). المراد بالطول هنا المال ، وبالمحصنات الحرائر لمقابلتهن بالإماء المشار إليهن بقوله تعالى : (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ، لأن الامة تدخل في ملك اليمين ، والمعنى من لم يجد من المال ما يمكّنه من الزواج بحرة فليتزوج أمة مؤمنة.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ). المراد بالإيمان الدين ، والمعنى لا ينبغي للمؤمن أن يستنكف عن زواج الامة للونها وعنصرها ، لأن الناس جميعا من آدم ، وآدم من تراب ، والتفاضل عند الله بالتقوى ، لا بالاحساب والأنساب ، وربّ أمة هي أكرم عند الله من حرة ، لأنها أبر وأتقى.
(فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ). وأهل الأمة سيدها ومالكها ، والمراد بالأجور المهور (مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ). أي عفيفات غير زانيات بصورة علنية ، كالمومس ، (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) أي ولا بصورة سرية ، كالتي تختص بصديق في الخفاء.
(فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ). المراد من الإحصان في (أحصن) الزواج ، وفي (المحصنات) الحرائر ، والمعنى ان الأمة إذا زنت فعليها من العقاب نصف ما على الحرة ، وهذا العقاب هو ما بيّنه سبحانه بقوله : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) ـ ٢ النور».
(ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ). ان الله سبحانه لا يريد أن يشق على عباده ، ولا أن يقعوا في الفتنة ، فمن مالت نفسه إلى المرأة فليتزوج حرة ، فإن لم يجد