ولكن المسلمين اتفقوا على ان عمر قال ذلك ، وما رأيت واحدا منهم نفى نسبته اليه .. بل في بعض الروايات ان عمر نهى عن ثلاثة أشياء أمر بها النبي لا شيئين ، قال القوشجي في شرح التجريد ـ وهو من علماء السنة ـ قال في آخر مبحث الامامة : «ان عمر صعد المنبر ، وقال : ايها الناس ، ثلاث كن على عهد رسول الله ، انا أنهى عنهن ، واحرمهن ، وأعاقب عليهن : متعة النساء ، ومتعة الحج ، وحي على خير العمل» .. وروى كل من الطبري والرازي ان عليا قال : لولا ان عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي. ومثله عن تفسير الثعلبي والسيوطي.
سؤال ثان : أليس من الأليق بمكانة عمر أن نحمل قوله هذا على انه رواية عن النبي (ص) ، وليس رأيا من عمر ضد النبي (ص)؟.
الجواب : أجل ، ان هذا الحمل أليق وأخلق ، ولكن قوله : «كانتا على عهد رسول الله ، وأنا أنهى عنهما» يأبى هذا الحمل ، حيث نسب التحليل الى الرسول ، والتحريم الى نفسه ، ولو كان قوله رواية ، لا رأيا لنسب النهي الى الرسول ، لأنه أبلغ في الردع والزجر.
وبالاختصار : لا يمكن الجمع بحال بين القول : ان النبي (ص) نهى عن المتعة بعد أن أمر بها ، وبين قول عمر : كانت المتعة على عهد رسول الله ، وانا أنهى عنها .. وقد ثبت ان عمر قال هذا فيلزم من ذلك حتما ان النبي لم ينه عن المتعة .. هذا بعض ما يرد من الطعون بروايات النسخ المنسوبة الى النبي .. ومن أراد التفصيل فليرجع الى تفسير آلاء الرحمن للشيخ محمد جواد البلاغي ، والبيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي ، ونقض الوشيعة للسيد محسن الأمين ، والجزء الثالث من كتاب دلائل الصدق للشيخ محمد حسن المظفر.
وتجدر الاشارة إلى أنه لا فرق بين الزواج الدائم ، وزواج المتعة في ان كلا منهما لا يتم إلا بعقد ومهر ، وفي نشر الحرمة من حيث المصاهرة ، وفي وجوب التوارث والإنفاق وسائر الحقوق المادية والأدبية بين أولاد المتعة وأولاد الزواج الدائم ، وفي وجوب العدة على الممتع بها .. وفي الجزء الخامس من كتابنا فقه الإمام جعفر الصادق (ع) ذكرنا ١٤ وجها يتساوى فيها الزواج الدائم ، والزواج المنقطع ، أي المتعة ، و ١٠ أوجه يفترق فيها كل عن الآخر.