والسنة يعترفون بأن عليهم عبء الإثبات دون الشيعة ، ولذلك استدلوا على ثبوت النسخ بروايات عن النبي (ص) ، ورد الشيعة هذه الروايات ، وناقشوها متنا وسندا ، وأثبتوا بالمنطق السليم انها موضوعة على الرسول الأعظم (ص) بأدلة : «منها» ان السنة أنفسهم يعترفون بأنها مضطربة متناقضة ، قال ابن رشد في الجزء الثاني من البداية ، مسألة نكاح المتعة ما نصه بالحرف : «في بعض الروايات ان النبي (ص) حرم المتعة يوم خيبر ، وفي بعضها يوم الفتح ، وفي بعضها في غزوة تبوك ، وفي بعضها في حجة الوداع ، وفي بعضها في عمرة القضاء ، وفي بعضها عام أوطاس ، وهو اسم مكان في الحجاز ، ومحل غزوة من غزوات الرسول (ص) ـ ثم قال ابن رشد ـ : روي عن ابن عباس انه قال : ما كانت المتعة إلا رحمة من الله ، رحم بها أمة محمد (ص) ولولا نهي عمر عنها ما اضطر الى الزنا إلا شقي».
و «منها» أي من ردود الشيعة على روايات النسخ انها ليست بحجة ، حتى ولو سلمت من التناقض ، لأنها من أخبار الآحاد .. والنسخ انما يثبت بآية قرآنية ، أو بخبر متواتر ، ولا يثبت بالخبر الواحد (١).
و «منها» ما جاء في صحيح مسلم من ان المسلمين تمتعوا على عهد الرسول ، وعهد أبي بكر ، وهذا ينفي نسخها في عهد الرسول ، وإلا كان الخليفة الأول محللا لما حرم الله والرسول .. وأصدق شيء في الدلالة على عدم النسخ في عهده (ص) قول عمر بالذات : «متعتان كانتا على عهد رسول الله انا انهى عنهما ، وأعاقب عليهما». ومهما شككت فلا أشك ولن أشك في ان عمر لو سكت عن هذا النهي لما اختلف اثنان من المسلمين في جواز المتعة وحليتها الى يوم يبعثون.
وتسأل : بعيد جدا أن يقول عمر هذا .. لأنه تحريم لما أحله الله ، ورد على رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى؟.
الجواب : أجل ، هو أبعد من بعيد ، لأنه كما قلت : رد على الله ورسوله ..
__________________
(١) الخبر المتواتر هو أن يرويه جماعة بلغوا من الكثرة حدا يمتنع معه عادة اتفاقهم على الكذب. والخبر الواحد لا ينتهي إلى حد التواتر ، سواء أكان راويه واحدا ، أو أكثر.