وفي صحيح مسلم ج ٢ باب «نكاح المتعة» ص ٦٢٣ طبعة ١٣٤٨ ه عن جابر بن عبد الله الأنصاري انه قال : استمتعنا على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر ، وفي الصفحة نفسها حديث آخر عن جابر ، قال فيه : ثم نهانا عمر .. ومثله عن الجزء الثالث من مسند الإمام أحمد بن حنبل.
وقال الرازي في تفسير آية (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ) : «قال عمران بن الحصين ، وهو من فقهاء الصحابة وفضلائهم : ان الله أنزل في المتعة آية ، وما نسخها بآية أخرى ، وأمرنا رسول الله (ص) بالمتعة ، وما نهانا عنها ، ثم قال رجل برأيه ما شاء .. يريد ان عمر نهى عنها».
وهذه الروايات ونظائرها موجودة في أكثر صحاح السنة وتفاسيرهم وكتبهم الفقهية ، وعليه يكون النزاع في انه : هل المراد بقوله تعالى (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ) الخ) الزواج الدائم فقط ، أو زواج المتعة فقط ، أو هما معا ، يكون هذا النزاع عقيما لا جدوى منه ، لأن النتيجة هي هي لا تختلف في شيء ، سواء أقلنا : ان آية (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ) عامة للمتعة ، أو قلنا : هي مختصة بالزواج الدائم ، إذ المفروض ان رسول الله (ص) قد أمر بزواج المتعة باتفاق المسلمين ، وان كل ما أمر الرسول به فإن الله يأمر به أيضا ، لقوله تعالى : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ـ ٧ الحشر».
أجل ، بعد ان اتفق السنة والشيعة على ان الإسلام شرّع المتعة اختلفوا في نسخها وتحريمها بعد الجواز والتحليل؟.
قال السنة : حرمت بعد ان كانت حلالا .. وقال الشيعة : كانت حلالا ، ولا تزال الى آخر يوم .. وبديهة ان على السنة أن يثبتوا النسخ والتحريم من الرسول (ص) ، لأنهم يدعون زوال الشيء الثابت بطريق القطع واليقين ، أما الشيعة فلا يكلفون بالاثبات على عدم النسخ ، لأن ما ثبت باليقين لا يزول إلا بيقين مثله ـ مثلا ـ إذا اتفق اثنان على ان فلانا كان حيا في العام الماضي ، ثم اختلفا في موته الآن فالاثبات على من يدعي الموت ، أما من يقول ببقاء الحياة فهو في فسحة ، ولا يطلب منه شيء ، لوجوب الحكم بإبقاء ما كان على ما كان ، حتى يثبت العكس.