عَظِيماً). الذين يتبعون الشهوات هم دعاة التحرر من القيود الدينية والأخلاقية ، والانطلاق مع غريزة الجنس انّى توجهت ، وهؤلاء موجودون في كل عصر من عهد مزدك الى آخر يوم ، وان اختلفوا في شيء فإنما يختلفون في الأسلوب تبعا لعصورهم ، وقد تفننوا في القرن العشرين باسم الحرية والتطور ، وتجاوزوا الحد في اثارة الجنس عن طريق الأفلام والروايات ، والأعضاء العارية والحركات .. وهذا هو الميل والانحراف العظيم الذي أشار اليه سبحانه بقوله : (أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً).
وتسأل : لقد كرر الله سبحانه التوبة في آيتين لا فاصل بينهما ، حيث قال : (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ). فما هو القصد من ذلك؟.
الجواب : جاءت التوبة الأولى تعليلا لبيان الحلال والحرام من النساء بصرف النظر عن أمر الله بالتوبة وإرادته لها .. أما التوبة الثانية فهي تعبير عن أمره تعالى وارادته التوبة بترك المحرمات ، وتقابلها ارادة متبعي الشهوات .. ونظير ذلك ان تقول لولدك ، اشتريت لك هذا الكتاب لتقرأه ، فاقرأه .. فذكرت القراءة أولا لبيان السبب الموجب للقراءة ، وأعدتها ثانية ، لأنك تريدها منه ، وتأمره بها.
(يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ). في تحليل من أحل لكم من النساء ، بل في غيرها أيضا ، قال تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) ـ ١٨٥ البقرة». (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) ـ ٧٨ الحج». وفي الحديث الشريف : (جئتكم بالحنيفية السهلة السمحة).
(وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) في مقاومة الدواعي والبواعث الى الطيبات والملذات ، بخاصة لذة الجنس ، ومن أجل هذا أحل الله التمتع بالنساء ضمن الحدود التي سبق بيانها .. وفي الأساطير ان إبليس قال لموسى (ع) : ما خلا رجل بامرأة الا كنت صاحبه ، دون أصحابي.
وما رأيت أحدا صوّر ضعف الإنسان في نفسه وجسمه كالإمام علي (ع) حيث قال : «ان سنح له الرجاء أذله الطمع ، وان هاج به الطمع أهلكه