الإعراب :
ليبين اللام قائمة مقام ان ، يقال : أردت لتذهب ، أي ان تذهب ، ومنه قوله تعالى : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ) أي ان يطفئوا. وتسبك ان او اللام التي في معناها مع الفعل بمصدر مفعولا ليريد الله ، أي يريد الله التبيين لكم. ومفعول يبين محذوف ، تقديره هذه التكاليف من حلاله وحرامه. وضعيفا حال من الإنسان.
المعنى :
(يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ). بعد أن بيّن سبحانه في الآيات السابقة الأصناف المحرمة من النساء نسبا وصهرا ورضاعة ، وبيّن أيضا ما يحل منهن بقوله : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) بعد هذا قال عز من قائل : شرعنا لكم تلك الأحكام ، وبينّاها لكم ، كي تستغنوا بحلاله عن حرامه ، وبطاعته عن معصيته ، وتتبعوا في اجتناب المحرمات سبيل من سبقكم الى الهداية والايمان ، وأيضا لكي يعرف التائب المنيب ما شرّع الله من الأحكام ، فيتقرب اليه بفعل ما أمر به ، وترك ما نهى عنه ..
وقيل : ان الله سبحانه أراد بقوله : (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ) انه تعالى شرّع تلك الأحكام لتعملوا بها تائبين مما سلف منكم في زمن الجاهلية وأول الإسلام من نكاح حلائل الآباء ، والجمع بين الأختين ، وما الى ذلك من المحرمات ، ومهما يكن فان التائب وغير التائب لا يمكنه أن يطيع الله ، ويمتثل أحكامه إلا بعد بيانها والعلم بها ، فبيان أحكامه لعباده فضل منه ونعمة عليهم ، لأنه لا يأمر إلا بما فيه الخير والمصلحة ، ولا ينهى إلا عما فيه الشر والمفسدة ، وليس من الضروري أن يبيّن لنا سبحانه وجه الحكمة من أمره ونهيه ، ولسنا نحن مكلفين بمعرفته والبحث عنه ، وما علينا إلا التسليم والطاعة مؤمنين بأن أحكامه تعالى هي لخيرنا دنيا وآخرة.
(وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً