كل ما يمر بخاطر الإنسان بمجرد ان يطلب ويسأل .. كيف؟ ولو فعل لخرب الكون .. ثم هل الله جل وعز آمر ، أو مأمور؟ وما ذا يفعل إذا تلقى دعوتين متناقضتين في آن واحد؟ وما قولك بمن يدعو الله ، ويعمى عن سبيله؟.
وبالتالي ، ان أمره تعالى بالسؤال من فضله تعبير ثان عن أمره بالجد والعمل ، وان على الإنسان ان يتجه الى كسبه متوكلا على الله وحده ، ولا ينظر الى كسب الغير ، وما آتاه الله من فضله .. وما من أحد شغل نفسه بغيره الا تنغص عيشه ، وتاه عقله ، وارتبك في جميع أموره .. وقد عرفت ، وأنا طالب في النجف الأشرف زملاء لا ينقصهم الاستعداد والذكاء ، وأمضوا في النجف سنوات طوالا ، ومع ذلك كانوا من الفاشلين ، لا لشيء الا لأنهم اشتغلوا بالناس عن أنفسهم ودروسهم .. ولله من قال : «من راقب الناس مات غما». وتكلمنا مفصلا عن الدعاء والاجابة في تفسير الآية ١٨٦ من سورة البقرة.
(وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ). المراد بالموالي هنا الورثة ، وقد ذكر الله منهم في هذه الآية ثلاثة أصناف : الأول الوالدان ، ويشملان الأجداد والجدات. الثاني الأقربون ، ويشملون الأولاد والأخوة والأعمام والأخوال. الثالث الذي جرى بينهم وبين المورّث عقد خاص أو عام يترتب عليه الإرث ، والعقد الخاص ، كعقد الزواج وعقد الملك ، وعقد ضمان الجريرة ، والعقد العام هو الإسلام ، وكل هؤلاء يدخلون في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ).
وعقد الزواج معروف ، أما عقد الملك فهو أن يملك الحر عبدا ، ثم يعتقه تقربا الى الله ، لا لقاء شيء ، أو كفارة عن شيء ، فإذا مات هذا العبد المعتق ، ولا وارث له ورثه الذي كان قد أعتقه. أما عقد ضمان الجريرة ، أي الجناية فهو أن يتفق اثنان على أن يضمن كل منهما جناية الآخر ، أو يضمن أحدهما ما يجنيه الآخر ، دون العكس ، فإذا تم الاتفاق بينهما حسب الشروط المقررة في كتب الفقه كان على الضامن بدل الجناية ، وله لقاء ذلك ميراث المضمون إذا لم يكن له من وارث الا الضامن ، أما عقد الإسلام فالمراد به العهد العام بين النبي (ص) ومن آمن به ، فإذا مات المسلم ، ولا وارث له إطلاقا