(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ). لقد سجل الله على اليهود في كتابه العزيز ألوانا من القبائح والرذائل .. منها : قتلهم الأنبياء الذي ذكره في العديد من الآيات. ومنها عبادتهم العجل. ومنها : قولهم : لن يدخل الجنة الا من كان هودا. ومنها : انهم أبناء الله وأحباؤه. ومنها : زعمهم بأن النار لن تمسهم الا قليلا.
ونقل صاحب تفسير المنار عن استاذه الشيخ محمد عبده انه قال : «ليس في كتب اليهود التي بين أيديهم وعد بالآخرة ولا وعيد» .. ونقل عن اليهود عدم ايمانهم بالآخرة كثيرون من أهل التتبع والتثبت ، وهذا النقل يتنافى مع قول القرآن عنهم : لن تمسنا النار الا أياما معدودات ، وقولهم : لن يدخل الجنة الا من كان هودا .. وغير بعيد أن أسلاف اليهود كانوا مؤمنين بالآخرة ، ثم حرّف الخلف وحذف من كتبهم الدينية كل ما له صلة بالآخرة .. وفي تفسير المنار نقلا عن الشيخ عبده أيضا ان الباحثين الأوروبيين أثبتوا ان التوراة كتبت بعد موسى (ع) بمئات السنين.
وأغرب من كل ذلك ادعاء اليهود بأن الله متحيز لهم ، وانه لهم وحدهم ، وانه خلق من عداهم من الناس لخدمتهم ومصلحتهم ، تماما كالحيوانات .. ومن أجل هذا يسمّون أنفسهم بشعب الله المختار ..
وبصرف النظر عن استحالة هذا الزعم وبطلانه بحكم العقل فإنه رجم بالغيب ، وتحكّم على الله ، حيث لا يعرف أمر من أمور الغيب الا بوحي من الله تعالى ، وقد نطق الوحي بلعنهم وخزيهم وعذابهم ، وسيتجلى لهم هذا الخزي والعذاب في يوم لا حيلة لهم في دفعه .. والى هذا أشار سبحانه بقوله : (فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ). فلا ينقص من ثواب المطيع شيئا ، وقد يزداد ، ولكن لا يزاد أبدا على عقاب العاصي ، وقد ينقص العقاب ، بل قد يعفو الله ويصفح.
واني على علم اليقين بأن من رجا الله في دنياه هذه ، ولم يرج سواه ، متكلا عليه وحده في النوائب مهما تكن النتائج ، مؤمنا ان من عداه ليس بشيء الا أن يكون وسيلة وأداة ، انا على يقين ان هذا سيجد عند الله ما يرضيه لا محالة برغم ما له من سيئات وهفوات.