قال الإمام علي (ع) : لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على ان يبغضني ما أبغضني. وكان حفيده الإمام زين العابدين (ع) يقول فيما يقول إذا أصابته شدة : يا إلهي أي الحالين أحق بالشكر لك؟ وأي الوقتين أولى بالحمد لك؟ أوقت الصحة التي هنأتني فيها؟ أو وقت العلة التي محصتني بها؟ .. اللهم اجعل مخرجي من علتي الى عفوك ، وسلامتي من هذه الشدة الى فرجك.
(وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً). هذا دليل صريح على ان الشر من الشيطان ، لا من الرحمن .. وكل فكرة تدفع بك الى الشر تسمى شيطانا ، قال تعالى : (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ). وفي الحديث : «إذا قال لك الشيطان : ما أكثر صلاتك! .. فقل له : غفلتي أكثر. وإذا قال لك : ما أكثر حسناتك! .. فقل : سيئاتي أكثر. وإذا قال : ما أكثر من ظلمك! .. فقل : من ظلمته أكثر». وبديهة ان النفس هي التي تصور لصاحبها انه عابد ومحسن ومظلوم ، ولا ينخدع بأباطيلها هذه الا جاهل مغرور.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً). لأنهم لا يؤمنون بالله ولا برسوله ، ولا بشيء الا بالعاجل من أين أتى.
(فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ). وأعظم المصائب كلها على المنافقين أن ينكشف أمرهم ، ويفتضح سرهم أمام الملأ ، حيث يعرفون عند الناس بالخيانة والغدر والكذب والمكر والخداع والجبن والهوان.
(ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً). يأتون الرسول خاضعين خانعين يتعللون بالمعاذير ، والله يعلم ، ورسوله يعلم ، والناس يعلمون ان المنافقين لكاذبون ، وانهم يتخذون ايمانهم جنة ووقاية من الخزي والعقوبة.
(فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ). أي تجاهل أمرهم ، فلا تقبل منهم عذرا ، لأنهم يستغلون قبولك هذا في أغراضهم ، ولا تعاقبهم ، لأنهم اعتذروا ولو ظاهرا (وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً). كأن يأمرهم النبي (ص) بتقوى الله بأسلوب يشعرون معه بأنهم مخطئون ، وان عليهم أن يحاولوا تطهير أنفسهم بالانابة .. هذا هو مبدأ الإسلام في كل مجرم لا يعاجله بالعقوبة ، ولا يؤيسه