وبحرا (١) .. الى ما لا يعلمه إلا الله والراسخون في علم التخريب والتدمير.
ولم يكتف تجار الحروب بتوجيه العلم ، وعبقرية العلماء الى اختراع آلات الخراب والدمار ، حتى أنشأوا معاهد للتخصص بعمليات التخريب ، وتدبير المؤامرات والانقلابات ، وإيقاظ الفتن والأحقاد ، واشاعة الفوضى والجرائم ، ووضع الخطط لانتشار الخوف والرعب وانهيار الأعصاب ، والاستخفاف بالأخلاق والقيم ، والايمان بالأساطير والخرافات .. الى كل ما يمهد لسيطرة القوي على الضعيف ، وعبودية المتخلف للمتقدم.
هذا هو نوع السلاح الذي يحاربنا به عدو الدين والانسانية .. فبأي شيء نتقي شره وعدوانه؟. أبالسباب والشتائم ، أو بالندب والبكاء ، أو بالمشاحنات والخلافات؟ لا شيء ـ ونحن الآن على ما نحن ـ الا ان نعرف من هو عدونا؟ وما هي مقدرته؟. ونحذر منه ومن أساليبه وألاعيبه ، ولا نطمئن اليه في شيء ، وأن نتعلم من أخطائنا ، ونتحرر من الخونة ، ونعمل جاهدين يدا واحدة على تقويتنا في شتى الميادين ، وبهذا نستطيع أن نقف في وجه العدو .. وعلى الأقل لا يصل بنا الأمر الى الحد الذي وصلنا اليه الآن.
لقد سحق شعب فيتنام الأعزل رؤوس الأمريكيين ، على رغم ما يحشدونه من قوى ، وينفقونه من ملايين الدولارات. وقبل فيتنام تحررت كوبا من امريكا ، وهي أقوى دول العالم على الإطلاق .. والآن تأسر كوريا الشمالية سفينة التجسّس بيبلو ، ولا تستطيع أمريكا أن تبدي حراكا .. والسر ـ فيما نعتقد ـ ان هذه الشعوب قد وعت مصالحها ونظمت صفوفها ، وتلافت أخطاءها ، فضربت على أيدي الخونة ، وأبعدتهم عن القيادة ومركز القوة ، وآمنت بحقها ومبادئها ، واستهانت بالحياة في سبيلها. ولا يمكن لقوى العالم مجتمعة أن تقهر شعبا منظما واعيا فيتناميا كان ، أو عربيا ، والفرق في الأوضاع ، لا في الطباع ، وفي الوعي والصلابة فيما يؤمن ويعتقد.
(وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ). يشير سبحانه الى الطابور الخامس الذي يندس
__________________
(١) يدور الآن ٤٠ قمرا صناعيا حول الأرض بحجة بحوث الفضاء ، ومهمتها في الواقع التجسس ، ولامريكا وحدها ٣٠ سفينة للتجسس ، وألفا محطة على الأرض للغاية نفسها.