وهو اشتباه منه ، لأن المصدر هنا معناه الاستقبال : والحال لا يكون مستقبلا ، والأليق انه واقع موقع الاستثناء ، أي تجب الدية الا مع التصدق فلا تجب. وتوبة مفعول لأجله ، والعامل فيه فصيام شهرين ، لأنه بمعنى الفعل.
المعنى :
(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا). القتل على أنواع ثلاثة :
١ ـ عمد محض ، وهو ان يتعمد العاقل البالغ قتل غيره مباشرة ، كالذبح والخنق ، أو تسبيبا ، كدس السم بالطعام ، أو منعه عن الطعام ، حتى مات جوعا. فإذا تحققت المساواة بين القاتل والمقتول في الدين والحرية ، ولم يكن القاتل أبا للمقتول كان الخيار لولي المقتول بين ان يقتل القاتل قصاصا ، وبين أن يأخذ منه الدية ، ان رضي القاتل بإعطائها ، فالخيار بين القصاص والدية للولي في قتل العمد ، فان اختار الدية كان الخيار للقاتل بين أن يقدم نفسه للقتل ، أو يدفع الدية ، فلا الولي يجبر القاتل على دفع الدية ، ولا القاتل يجبر الولي على أخذها. والدية الشرعية ألف دينار ، وتبلغ ٣ كيلوات ونصفا و ٢٩ غراما من الذهب.
٢ ـ شبه العمد ، وهو أن يكون القاتل عامدا في فعله ، مخطئا في قصده ، كمن ضرب صبيا للتأديب فمات ، وهذا النوع من القتل يوجب الدية ، دون القصاص ، وهي ألف دينار تماما كدية العمد ، وتكلمنا عن قتل العمد وشبهه عند تفسير الآية ١٧٨ ـ ١٧٩ من سورة البقرة ، المجلد الأول ص ٢٧٤.
٣ ـ خطأ محض ، وهو أن يكون القاتل مخطئا في فعله وقصده ، كمن رمى حيوانا فأصاب إنسانا فقتله ، فان الإنسان غير مقصود ، لا بالرمي ، ولا بالقتل. وهذا هو المراد بقوله تعالى : (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا). وقد دل الكتاب والسنة مجتمعين على أن من قتل مسلما متعمدا فعليه أن يكفّر بعتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ،