بتعلم منه .. فالمقام الأول لله وحده ، ولا شريك معه ، والمقام الثاني لمحمد وحده ، ولا أحد معه ، والإيمان بهما معا في رتبة واحدة ، من حيث ان كلا من الإيمان بالله والإيمان برسوله ركن مقوّم للإسلام ، ولا يتحقق بأحدهما ، دون الآخر ، وعليه تكون الخلافة والصحبة والجهاد ، ونحوه فرعا عن الإيمان بالنبوة ، والنبوة أصل ، والفرع لا يقاس بالأصل.
ثانيا : ان المعنى الظاهر من لفظ المجاهدين في آية : (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ) هو الجهاد بالسيف ، لا بغيره باعتراف الرازي في تفسيره .. ولكنه ذهل عما قال ، وناقض نفسه بنفسه .. ولندع ظاهر الآية ، وجميع التفاسير ، ونرجع الى من نزل القرآن على قلبه ، ونسأله : أي الناس أفضل؟ ونستمع لما يجيب .. وقد روى مسلم في صحيحه : ان رجلا سأل رسول الله (ص) : أي الناس أفضل؟ فقال : «رجل جاهد في سبيل الله بنفسه وماله» .. وكلنا يعلم (ان عليا أكثر جهادا) على حد تعبير الرازي فيكون أفضل الناس ، ما عدا النبي (ص) ، حيث لا شيء فوق مقام النبوة الا مقام الألوهية ـ كما بينا ـ وأيضا كلنا يعلم بالبداهة ان الجهاد بالنفس أفضل وأعظم من الجهاد بالمال ، لأن المال يبذل في سبيلها ، وهي لا تبذل في سبيله.
ثالثا : ان الرسول الأعظم (ص) ـ كما قدمنا ـ لم يقرر الدلائل والبينات ، ولم يزح الشبهات والضلالات من عنده ، بل الله سبحانه كان يلقنها لمحمد (ص) ، ومحمد يبلغها بالحرف : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) ـ ٧٩ يس» .. (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) ـ ٣٤ يونس» .. (قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ـ ٣٨ يونس» .. (قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) ـ ١٦ الرعد» .. الى عشرات الآيات .. وغريب ان يذهل الرازي عنها بعد ان أطال في شرحها وتفسيرها.
والأعجب الأغرب قوله : «فاقبلوا منا مثله ـ أي مثل ما قبلتم من محمد ـ في حق أبي بكر». كلا ، وألف كلا ، لا نحن ولا أي مسلم يقبل منك ومن غيرك أن يكون لأبي بكر مثل ما كان لمحمد (ص) (في تقرير الدلائل