التعاليم سبيلها الى نفوسهم شرع في تجنيدهم وتأليف السرايا ، يبعثها هنا وهناك .. وقادها بنفسه أكثر من مرة ، وحققت الاستقرار والأمن للمسلمين ، كما أقلقت راحة قريش وسلامتها .. ثم تحولت السرايا الى معارك كبرى ، والمسلمون يبذلون أرواحهم وأموالهم ، حتى جاء نصر الله والفتح : (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا).
وأحسب ان هذه الاشارة كافية لاستخراج العبرة التي يجب أن ننتفع بها في نكبتنا باسرائيل ومن ساند إسرائيل.
هاجر النبي (ص) من مكة لاعتداء المشركين عليه وعلى أصحابه ، وهاجر الفلسطينيون من الأرض المقدسة لاعتداء الصهيونية والاستعمار عليهم وعلى نسائهم وأطفالهم. وكانت هجرة المسلمين آنذاك ابتعادا عن الوقوع في التهلكة ، وانسحابا من ميدان المعركة لتجميع القوى ، والاستعداد للضربة القاضية على العدو. ويجب أن يكون خروج الفلسطينيين من ديارهم بهذا القصد والروح ، ولهذه الغاية بالذات ، لا بقصد اخلاء البيت للصوص يسرحون فيه ويمرحون.
وبدأ النبي هجرته بالتآخي بين أصحابه .. وعلى قادة العرب والمسلمين أن يبدءوا بالتآخي والتصافي بين القلوب ، وان يوحدوا كلمتهم لمجابهة العدو ، تماما كما فعل النبي قبل أن يجابه المشركين. ومن حاد عن هذا السبيل فقد التقى مع إسرائيل ، وحقق امنيتها من حيث يريد أو لا يريد.
وأرسل النبي السرايا ليقلق أمن المشركين ، وأمدّ المسلمون هذه السرايا بكل ما يحتاجون .. ويجب على العرب والمسلمين أن يشجعوا الفدائيين من الفلسطينيين وغيرهم ، ويمدوهم بالمال والعتاد ويتعاونوا معهم الى أقصى الحدود ، ليقلقوا راحة إسرائيل وأمنها .. وعبأ النبي جميع المسلمين للمعركة الفاصلة الكبرى ، واستأصل الشرك من جذوره بعد أن رسخ قرونا في كل جزء من أرض الجزيرة العربية .. وهذا ما يجب أن يفعله قادة العرب والمسلمين.
وإذا لم نعتبر بهذا الدرس من تراثنا وتاريخنا ، ونكون جميعا جنودا من جنود الله والوطن فلسنا جديرين باسم العرب والعروبة ، ولا باسم الإسلام والمسلمين .. بل ولا باسم الإنسان والانسانية بعد أن أصبح هذا العصر عصر الفداء والكفاح والتحرر من كل ما فيه شائبة الظلم والاستغلال.