أو الى نفسه فقط كاليمين الكاذبة ثم تاب قبل الله منه ، حتى كأنه لم يسيء ، ولم يظلم.
ومعنى : (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ) ان من يتعمد ارتكاب الذنب فقد أساء الى نفسه ، سواء اقتصرت هذه الاساءة عليه وحده ، أو تعدت الى غيره.
ومعنى : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) ان من رمى غيره بجرم ليس فيه فإنه يعاقب عقاب المفتري المتعمد ، سواء ارتكب هو الجرم ، ولصقه بغيره عن قصد ، وهذا ما يدل عليه لفظ الإثم ، أم لم يرتكب أي جرم ، ولكن رمى به بريئا قبل أن يتثبت ، وهذا ما يدل عليه لفظ الخطيئة .. والغرض ان المرء لا يجوز له أن يدين غيره بشيء حتى يكون على يقين منه ، تماما كالشمس.
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ). المراد بالطائفة الذين دافعوا وجادلوا عن السارق ، وضمير منهم عائد على قومه وأنصاره ، وان يضلوك ، أي يخدعوك بلحن القول وصلاح المظهر ، ولا يضلون الا أنفسهم ، لأن محاولة الإضلال تستلزم الضلال ، والمضل ضال وزيادة ، والمعنى المحصّل ان فريقا من أنصار السارق وجماعته تآمروا على أن يخدعوك عن الحق ، وحاولوا أن يحملوك على الوقوف الى جانبهم في نصرة صاحبهم ، وكدت تركن اليهم مغترا بما أظهروه لك من الصلاح ، ولكن الله عصمك منهم ، وأطلعك على مؤامرتهم ، ورد كيدهم الى نحورهم.
وهذه الآية رد صريح على من زعم من المفسرين ان النبي (ص) دافع وجادل عن الخائنين ، فان قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ). وقوله : (وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ) ، لا يقبلان التأويل والشك في ان النبي لم يجادل عن السارق ، ولم يبرئه من السرقة والخيانة ، وان الذي فعل هذا غيره.
(وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً). الكتاب القرآن ، والحكمة هنا النبوة ، وإذا وجب على محمد (ص)