مزينا ، وليس اليه من الضلالة شيء» أما تمنية الشيطان للإنسان فهو أن يخيل اليه ادراك ما يتمناه من طول الأجل ، والنجاة يوم الحساب والجزاء ، وما الى ذلك من الأماني الكاذبة ، والسعادة الموهومة.
(وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ). البتك القطع ، يقال : بتكه ، أي قطعه ، والتبتيك للتكثير والمبالغة في البتك. والانعام الإبل والبقر والغنم ، وكان العرب في الجاهلية يقطعون آذان بعض الانعام ، ويوقفونها للأصنام ، ويحرّمونها على أنفسهم ، ويأتي التفصيل ان شاء الله عند تفسير الآية ١٠٣ من سورة المائدة : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ).
وبعد ان كان الشر أو الشيطان يأمر حزبه في عصر الجاهلية بقطع آذان الانعام وتغيير خلق الله أصبح يأمرهم بإلقاء قنابل النابالم على النساء والأطفال ، والقنبلة الذرية على المدن ك «هيروشيما» و «ناكازاكي» لإفناء خلق الله .. وهذا من (حسنات) سيطرة الساسة على عبقرية العقول ، وجبروت العلم.
(وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ) ـ أي يطيعه ـ (فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً). حيث يصبح ضحية الأهواء والشهوات ، وأسير الأوهام والخرافات. (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً). حيث سار بهم على طريق التهلكة بعد ان زين لهم انه سبيل النجاة ، فالزاني أو شارب الخمر ـ مثلا ـ يخيل اليه انه يتمتع باللذائذ ، وهو في واقعه يتحمل أعظم المضار دنيا وآخرة.
(وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً). المحيص المخرج والمفر ، والمعنى ان حزب الشيطان من المشركين والمفسدين لا نجاة لهم من عذاب الله .. وبعد ان ذكر سبحانه الوعيد أردفه بالوعد على سنته المعهودة من اقتران الترغيب بالترهيب ، قال عز من قائل : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً). وفي هذه الآية ثلاثة تأكيدات : الأول التأبيد الذي دل عليه لفظ (أبدا). والثاني وعد الله حقا. والثالث ومن أصدق. والغرض من هذا التكرار التنبيه الى ان مواعيد الشيطان كاذبة ، وأمانيه فارغة ، وأوامره باطلة ، وان قول الله هو الحق والصدق ، وطاعته هي الخير والسعادة.