وأسطورة بعد أن صار العلم مقياسا لكل حقيقة ، وأساسا لكل خطوة يخطوها الإنسان ، وقوة في كل ميدان ، ومعجزة تحرك الحديد ليخرق الأرض آلاف الأمتار ، يفجرها أنهرا من الذهب ، ويطير في الجو الى القمر والمريخ ، يخاطب أهل الأرض من هناك بما يشاهد في رحلته.
الجواب : لا نظن أحدا يهوّن من شأن العلم وفوائده ، وانه قوة وثروة ، وان حاجة الناس اليه تماما كحاجتهم الى الماء والصيام .. ولكن لا أحد يجهل ان العلم تماما كالإنسان فيه استعداد للخير والشر ، وانه حين يوجه الى الخير ينتج الطعام للجائعين ، والكساء للعراة ، والعلاج للمرضى ، وحين يوجه الى الشر يقتل ويدمر .. والشر هو الركيزة الأولى لسياسة الشيطان الذي نعنيه. وقد أصبح العلم اليوم في يد السياسة تتجه به الى الفتك والهدم ، والسيطرة والاستغلال.
وقد تضاعف نصيب الشر أو الشيطان ـ مهما شئت فعبر ـ بتقدم العلم وتطوره. كان أعوان الشر فيما مضى يتسلحون بقوة العضلات ، أما الآن ، وبعد ان بلغ العلم من الجبروت ما بلغ فإن حزب الشيطان يتسلحون بالذرة والصواريخ الموجهة ، وما اليها مما يزلزل الأرض من أعماقها.
وقرأت فيما قرأت ان أمريكا وضعت مخططا لشراء شباب العلم في أي مكان وجدوا أو يوجدون ، وان سمسارها المتجول استطاع في بعض زياراته لبريطانيا أن يعقد صفقة مع سبعمائة عالم للهجرة لأمريكا ، ومعظم هذه العقول يستغلها الساسة الأمريكيون في صنع الأجهزة والآلات لغزو العالم كله ، والسيطرة على مقدراته ، وهؤلاء هم الشيطان عدو الله والإنسان.
أما المدارس العصرية المنتشرة هنا وهناك فأكثرها من نصيب الشيطان ، ولا شيء فيها يمت الى الدين والخلق الكريم بصلة .. وهكذا استجابت العقول الكبيرة والصغيرة في هذا العصر لدعوة الشر والشيطان الذي أعلنها بقوله : (لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً).
(وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ). إضلال الشيطان للإنسان أن يزين له الحق باطلا ، والخير شرا ، أو يوهمه انه لا حق ولا خير في الوجود ، ولا جنة ولا نار ، وان الدنيا ملك لمن يحوزها كما قال «نيتشه» .. وفي الحديث : «خلق إبليس