كلام مستأنف. ومن يعمل من الصالحات مفعول يعمل محذوف أي شيئا. ومن الصالحات متعلق بمحذوف صفة لشيء. ومن ذكر أو أنثى متعلق بمحذوف حال من الضمير في يعمل. وهو مؤمن مبتدأ وخبر ، والجملة حال ثانية. فأولئك مبتدأ ، والخبر يدخلون الجنة ، والجملة من المبتدأ أو الخبر جواب من يعمل.
المعنى :
ترتكز هاتان الآيتان على مبدأ بديهي ، لا يجادل أحد فيه ، ويرتفع بقيمته من مستوى التعديل والتغير بتغير الأزمان والأحوال ، والتخصيص بالنساء أو الرجال ، وهو «الإنسان مجزي بأعماله ان خيرا فخير ، وان شرا فشر» .. وتكرر هذا المعنى بأساليب شتى في كتاب الله ، منها قوله في الآيتين : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ .. وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ). ومنها : (لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) ـ ٥١ ابراهيم». ومنها : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) ـ ٣١ النجم» .. الى كثير من الآيات. وبعد هذا الإجمال نشرع بالتفصيل :
(لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ). قال الجاحدون لمن دعاهم الى الايمان : سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين ، ان هذا الا خلق الأولين ، وما نحن بمعذبين. وقال اليهود والنصارى : لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى. وقال قائل من المسلمين : ان النار خلقت لغير المسلمين .. وهكذا كل أناس فرحون بما يدينون .. فرد الله عليهم جميعا بقوله : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) كائنا من كان ، وليس بين الله وبين أحد نسب ولا سبب إلا الإخلاص والعمل الصالح ، وكفى دليلا على ذلك قوله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ). وفي الحديث : ان الله يقول غدا : اليوم أضع نسبكم ، وأرفع نسبي ، أين المتقون؟.
وقال الإمام جعفر الصادق (ع) : «ما نحن إلا عبيد الذي خلقنا واصطفانا ، والله مالنا على الله حجة ، ولا معنا من الله براءة ، وانّا لميتون وموقوفون