(وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً). أي اقتدى بإبراهيم (ع) الذي أعرض عن كل ما سوى الله ، وقال لقومه : (أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ) ـ ٨٠ الانعام».
وتسأل : لما ذا قال تعالى : (وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) ، ولم يقل ملة محمد؟.
الجواب : أولا ان ملة ابراهيم ومحمد شيء واحد : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) ـ ٦٨ آل عمران».
ثانيا : ان نبوة ابراهيم محل وفاق عند أهل الأديان جميعا ، لا عند المسلمين فحسب ، فالاحتجاج بها على غير المسلمين أقوى وأبلغ .. ان صح التعبير.
(وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً). لقد اختص الله ابراهيم (ع) بمنزلة عظمى تكاد تكون فوق النبوة والرسالة ، قال الإمام جعفر الصادق (ع) : ان الله اتخذ ابراهيم عبدا قبل ان يتخذه نبيا ، واتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا ، واتخذه رسولا قبل ان يتخذه خليلا.
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ). فهو مالك كل شيء ، ومهيمن على كل شيء ، ومحيط بكل شيء.
وتسأل : ان هذا المعنى قد تكرر كثيرا في كتاب الله ، فما هو السر؟.
الجواب : السر أن يتنبه الإنسان ، ويبقى دائما على ذكر ان الله وحده هو المتصرف بالكون ، وان أمره نافذ فيه ، وانه على صلة دائمة بعلمه وقدرته وحكمته ، ومتى شعرت النفس بهذه الحقيقة عملت على مرضاة خالقها باتباع منهجه ، وطاعة أوامره .. هذا ، الى ان التكرار يأتي لمناسبة تستدعيه ، يدركها المفسرون أحيانا ، وتخفى عليهم حينا ، وهي هنا ان البعض قد يتوهم ان الله اتخذ ابراهيم خليلا على نحو ما نتخذ نحن الأخلاء والأصدقاء .. فدفع سبحانه هذا الوهم بأن الله جل وعلا هو الخالق المالك لكل شيء ، وان ابراهيم عبد تحت سلطان الملك ، ولكنه عبد مصطفى ، لا كسائر العبيد.