لقوله : (إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ) اذن ، كل من رضي بالكفر فهو كافر.
(الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). ترسم هذه الآية صورة لحال المنافقين إذا وقعت الحرب بين المسلمين والمشركين ، وتتلخص هذه الصورة بأن المنافقين كانوا يخرجون مع المسلمين في حروبهم للدس والتثبيط وتفتيت الصفوف ، وفي الوقت نفسه يتظاهرون بأنهم خرجوا لنصرة المسلمين ، وينتظرون : فان كان الظفر للمسلمين قالوا لهم : كنا معكم ، فنحن وأنتم شركاء في الغنيمة ، وان كان للمشركين قالوا لهم : نحن الطابور الخامس ، فأين الأجر؟. وهكذا يمسكون العصا من وسطها.
وأبلغ ما قرأت في وصف المنافقين ما قاله علي أمير المؤمنين (ع) : «قد أعدوا لكل حق باطلا ، ولكل قائم مائلا ، ولكل باب مفتاحا ، ولكل ليل مصباحا». وهؤلاء موجودون في كل عصر ، وتضاعف عددهم في البلاد العربية يوما بعد يوم منذ ان ظهر فيها الذهب الأسود ، واتخذوا الوطنية شعارا لهم ، تماما كما تظاهر المنافقون بالإسلام في عهد الرسول (ص) .. فان تغلب الأحرار المناضلون على المحتكرين والمستغلين قال لهم منافقو العصر : ألم نكن معكم؟ وان نجا المستغلون بفريستهم قالوا لهم : ألم نمنع عنكم الأحرار؟.
وتسأل : لما ذا عبّر سبحانه عن ظفر المسلمين بالفتح من الله ، حيث قال : (فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ) وعبر عن ظفر الكافرين بالنصيب حيث قال : (وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ)؟.
الجواب : ان ظفر المسلمين هو ظفر للحق الذي يدوم ويبقى ما دام أهله متبعين لسنة الله وأمره من أعداد العدة ، فناسب التعبير عنه بفتح من الله ، أما ظفر الباطل فانه مؤقت لا يلبث حتى يزول أمام أهل الحق إذا اجتمعت كلمتهم على جهاده ونضاله .. وقديما قيل : دولة الباطل ساعة ، ودولة الحق الى قيام الساعة.
(وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً). استدل الفقهاء بهذه الآية على ان الله سبحانه لم يشرع حكما يستدعي أية سلطة ، وولاية لغير المسلم على