الاعراب :
أكبر صفة لمفعول مطلق محذوف ، أي سؤالا أكبر. وجهرة أيضا صفة لمفعول مطلق محذوف ، أي رؤية جهرة. وبميثاقهم على حذف مضاف ، أي بنقض ميثاقهم ، والمرور متعلق برفعنا.
المعنى :
(يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ). المراد بأهل الكتاب هنا يهود المدينة الذين وقفوا من محمد (ص) موقف العدو المتعنت ، وكادوا له الكيد المستمر ، وكانوا أول من ابتلي بهم من أهل الكتاب .. ومن تعنتهم ووقحتهم ما أشار اليه سبحانه في هذه الآية من طلبهم أن ينزل النبي عليهم كتابا من السماء يشهد له ، على أن يروه رأي العين ، وبديهة انهم قالوا ذلك على سبيل التعنت ، لا طلبا للحجة ، لأن ما تقدم من معجزاته كافية وافية في الاقتناع لمن طلب الحق لوجه الحق .. وقد تولى الله تعالى الاجابة عن نبيه ، حيث قال عز من قائل :
(فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ). أي لا غرابة ولا عجب إذا سألوك يا محمد أن تنزل عليهم كتابا من السماء فلقد سألوا موسى أكبر وأعظم من ذلك ، سألوه ان يروا الله بالذات ، (فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ). سبق تفسير سؤالهم هذا واتخاذهم العجل في سورة البقرة الآية ٥٤ ـ ٥٧ ، المجلد الأول ص ١٠٤. وتكلمنا عن جواز رؤية الله وأقوال المذاهب في ذلك ص ١٠٧.
ومعلوم ان الذين سألوا الرؤية جهرة ، واتخذوا العجل إلها هم اليهود الأولون ، لا يهود المدينة .. ولكن هؤلاء راضون ومؤمنون بكل ما فعل الآباء والأجداد ، ومن هنا صحت النسبة اليهم.
(وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً). المراد بالسلطان الحجة الظاهرة ، والبرهان القاطع ، ولكن اليهود يهون عليهم كل شيء ، ولا يكترثون بشيء إلا بواحد