المعنى :
(فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ). أي لعناهم بسبب نقضهم الميثاق الذي التزموا به ، وأبرموه على أنفسهم ، وهو أن يؤمنوا ويعملوا بما جاءهم به موسى (ع) .. ثم غيّروا وبدّلوا ، وحرّموا ما أحل الله ، وحللوا ما حرم. (وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ). وهي الحجج والدلائل على نبوة عيسى ومحمد (ص). (وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) كزكريا ويحيى بعد ان قامت الأدلة على نبوّتهما. (وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ). أي مغطاة لا يصل اليها شيء من دعوة محمد (ص) ، قالوا هذا للرسول الأعظم تيئيسا له من ايمانهم بنبوته ، واستجابتهم الى دعوته. (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ). جملة معترضة بين المعطوفات ، جاءت للرد على قولهم : (قُلُوبُنا غُلْفٌ) والمعنى ليست قلوبكم غلفا بطبيعتها ، وانما كفركم بمحمد وتماديكم في الغي والضلال هو الذي جعلها صلدة كالحجارة ، أو أشد قسوة.
وبعد ان بلغت قلوبهم مبلغا لا تنفتح معه للحق بحال أصبحوا كمن خلقهم الله بلا قلوب ، وبهذا الاعتبار صحت نسبة الطبع عليها الى الله سبحانه. (أنظر تفسير الآية ٧ من صورة البقرة ، ج ١ ص ٥٣). (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً). كعبد الله بن سلام ، وثعلبة بن سعية ، وأسد بن عبيد الله وغيرهم. (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً). كرر سبحانه نسبة الكفر الى اليهود ثلاث مرات : الأولى بمناسبة ذكره لجحودهم آيات الله وقتلهم الأنبياء. الثانية بمناسبة قولهم : قلوبنا غلف. الثالثة عند ذكره لقولهم على مريم المنكر الذي لا يقوله الا اليهود الذين تناصرهم أمريكا «المسيحية» وتزودهم بالسلاح ليعتدوا على القدس ، وينتهكوا الشعائر الدينية التي يقدسها المسيحيون والمسلمون ، بخاصة الكنائس ومقابر المسيحيين (١).
(وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ). وصفوه برسول
__________________
(١) أكتب هذه الكلمات يوم ٢٨ ـ ٤ ـ ١٩٦٨ ، وإسرائيل تعتزم اقامة عرض عسكري كبير في مدينة القدس المحتلة يوم ٢ ـ ٥ ـ ٦٨ ، على الرغم من قرار مجلس الأمن الذي أصدره بالإجماع على الغاء هذا العرض.