رفع عيسى اليه ، وكساه حلة من نور ، وأنبت له جناحين من ريش ، ومنعه من الطعام والشراب ، وصيره من الملائكة يطير معهم حول العرش ، وجعل فيه طبيعتين : ناسوتية ، وملائكية ..
(وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ). أي ما أحد من أهل الكتاب الا ويؤمن بعيسى قبل أن يموت ذلك الأحد من أهل الكتاب ، فضمير به يعود على عيسى ، وضمير موته يعود على أحد ، والمراد بأهل الكتاب اليهود والنصارى .. وقد جاء في بعض الروايات ان كل انسان عند ما يعاني سكرة الموت ينكشف له الحق عما كان يعتقده في دار الدنيا ، وهذه الآية تشهد بالصحة لتلك الروايات ، حيث دلت بظاهرها على ان كل كتابي يهوديا كان أو نصرانيا لا بد أن يؤمن ايمانا صحيحا بعيسى بعد سكرة الموت ، فاليهودي الذي كان يقول عن عيسى : انه ساحر وابن فاعلة يعدل عن ذلك ، ويؤمن بأنه نبي مرسل ، وان امه صدّيقة ، والنصراني الذي كان يقول : انه ابن الله ، وثالث ثلاثة يؤمن بأنه عبد من عباد الله المخلصين.
وليس هذا بمحال في نظر العقل ، وقد أخبر به الوحي ، وكل ما أخبر به الوحي ، ولم ينكره العقل وجب التصديق به على كل من يؤمن بالله واليوم الآخر ، أما من لا يؤمن إلا بما يقع تحت المجهر فلا يصدق ـ قطعا ـ وعليه أن لا يصدق من يقول له : لك عقل وروح ووعي وعاطفة .. لأنها لا تقع تحت المجهر ، ولا تنالها المعدات والآلات بالاختبار والتحليل ، وصدق من قال : من فقد الايمان بالله فقد نفسه.
وتسأل : وأية جدوى من الإخبار بأن الحق ينكشف لأهل الكتاب عند سكرة الموت ، مع العلم أنهم في هذه الحال يعجزون عن ادراك ما فات؟.
الجواب : الغرض من ذلك هو الحث على المبادرة الى تصحيح ايمانهم قبل أن تجتمع عليهم حسرة الفوت وسكرة الموت ، تماما كالغرض من الإخبار عن الجنة والنار.
(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً). يشهد غدا عيسى (ع) على اليهود بأنهم ناصبوه العداء كفرا وعنادا لما جاءهم به من الله ، ويشهد على النصارى