عليها كفر وخروج عن دين الإسلام .. ويأتي المزيد في البحث عند تفسير الآية ٨٢ من سورة المائدة : (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ).
(يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ). أمرها بالعبادة للإعداد والتهيئة للأمر الخطير ، وهو ولادة عيسى (ع) ، وما من أمر خطير الا سبقته مقدماته التي تمهد لحدوثه ، وكذلك أوصى الله سبحانه عيسى بالصلاة والزكاة ما دام حيا.
(ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ). الخطاب موجه من الله لرسوله ، والمعنى ان ما تتلوه على الناس بعامة ، والنصارى بخاصة ، ووفد بحران بصورة أخص ، كقصة مريم وأمها امرأة عمران ، وقصة زكريا ويحيى ، كل ذلك ، وما اليه لم تقرأه في كتاب ، ولم تسمعه من الحفّاظ ، لأنك أمي في أمة أمية ، وانما هو علم بالغيب ، ووحي من الله .. وهذه حجة لك على خصمك ، وبرهان على صدقك .. وما نقل الرواة ان وفد نجران رد هذه الحجة أو اعترض عليها ، ولو كانت موضع جدال لما سكتوا.
(وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ). القلم معروف ، وهو الذي يكتب به ، وجمعه أقلام ، والمراد بالأقلام هنا السهام التي يضربون بها القرعة ، والمعنى : ان إخبارك إياهم بهذه الحقائق والدقائق عن مريم وزكريا لم تقرأها في كتاب ، ولم تسمعها من الحفاظ ، فلم يبق ـ اذن ـ الا أن تكون قد شاهدتها بنفسك ، مع العلم ان بينك وبينها مئات السنين ، فتعين أن يكون علمك بها وحيا من الله اليك.
أما قصة الاقتراع وإلقاء الأقلام فخلاصتها ان حنة امرأة عمران حين ولدت مريم كانت قد نذرتها لبيت المقدس ، وولدتها بعد أن مات أبوها عمران ، فتنافس عليها الكهنة والأحبار من بني إسرائيل ، وأخيرا اقترعوا فيما بينهم ، فخرج قلم زكريا زوج خالتها ، وعندها تركوها له ، فتكفلها ، وصار وليها والقائم بأمرها.