وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ). هذه هي الآية المعروفة بآية المباهلة ، وهي من أمهات الكتاب.
والقصد الأول من هذه الآية الكريمة العظيمة هو تدعيم الدين الحنيف ، واثبات الرسالة المحمدية الانسانية بطريق لا عهد به للعلم والعلماء ، ولا يقدر عليه أحد على الإطلاق سوى خالق الأرض والسماء ، ومع ذلك يفهمه بسهولة ويسر الجاهل والعالم .. وفيما يلي حكاية هذه الآية من أولها ، ولكن بإيجاز :
ترتبط هذه الآية بالسنة التاسعة لهجرة الرسول الأعظم (ص) الى المدينة ، وهي السنة المعروفة بعام الوفود ، لأن الناس توافدت فيه على رسول الله (ص) من شتى بقاع الجزيرة العربية ، يخطبون وده بعد ان أعلى الله كلمة الإسلام ، ونصر المسلمين على أعداء الدين ، وقد وفد على الرسول فيمن وفد ستون رجلا من نصارى نجران اليمن ، وقيل : أربعة عشر من أشرافهم .. منهم كبيرهم وأميرهم ، واسمه عبد المسيح ، والثاني مشيرهم وصاحب رأيهم ، واسمه الأيهب ، ويلقب بالسيد ، والثالث حبرهم واستفهم ، وكان في شرف كبير ، وخطر عظيم ، وقد بنى له ملك الروم الكنائس والمدارس ، وخصه بالأموال والمراتب.
ورحب رسول الله (ص) بهم ، وأكرم وفادتهم ، وحين حانت صلاتهم ضربوا بالناقوس ، وصلوا في مسجد الرسول إلى المشرق ، فأراد الأصحاب منعهم ، فقال النبي : دعوهم .. وسبقت الإشارة الى ذلك في تفسير الآية ٨ من هذه السورة.
وبعد أن استقر المقام بوفد نجران أخذوا يجادلون رسول الله في عيسى زاعمين تارة انه الله ، ومرة انه ابن الله ، وأخرى انه ثالث ثلاثة ، وأوردوا أدلة سبق ذكرها وتفسيرها وإبطالها.
والذي أبطل أدلة النصارى هو الله بالذات ، ولكن على لسان محمد (ص) ، وكان في الوفد علماء لا تخفى الحقيقة على أمثالهم ، منهم أبو حارثة الرئيس الديني للوفد ، وكان معه أخ له ، اسمه كرز .. وبعد أن سمع أبو حارثة ما سمع من آيات الله البينات أسرّ إلى أخيه كرز ان محمدا هو النبي الذي كنا ننتظره .. فقال له أخوه هذا : ما يمنعك منه ما دمت على يقين من صدقه؟ قال أبو حارثة : ان الملوك أعطونا أموالا كثيرة ، وأكرمونا ، فلو آمنا بمحمد لأخذوا منا كل