والثورة على الخائن المبطل فرض وحتم ، والا عم الفساد في الأرض .. ان جريمة المظلوم القادر على دفع الظلم عن نفسه ، تماما كجريمة الظالم من حيث ان كلا منهما يمهد لاشاعة الظلم والفساد .. ولو علم الظالم ان بين جوانح المظلوم عاطفة تدفعه الى الاستماتة دون حقه لتحاماه .. وقد دلتنا التجارب انه لا حق في الأمم المتحدة ، ولا في مجلس الأمن الا للقوة ، وانه لا حياة للإنسان في القرن العشرين ، بخاصة الشرقي ، وبوجه أخص العربي الا للمستميت.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ). والمعنى ان أهل الكتاب انما استحلوا أموال العرب لأنهم زعموا بأن الله سبحانه لا يعاقبهم على اغتصابها (١) .. فرد الله افتراءهم هذا بقوله : (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ). وليس من شك ان من كذب على الله عامدا متعمدا كانت خيانته أعظم ، وجريمته أفحش.
وتسأل : ان كل الطوائف ، وأهل الأديان ، بل والملحدين أيضا فيهم الأمين والخائن والصادق والكاذب .. وكم من ملحد هو أصدق لهجة ، وأوفى ذمة من كثير من الصائمين المصلين .. اذن ما هو الوجه لتخصيص أهل الكتاب بهذا التقسيم؟.
الجواب : أولا سبق ان الله سبحانه قال : ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم. ثم قال أيضا : وقالت طائفة من أهل الكتاب : آمنوا أول النهار ، واكفروا آخره ، وبيّن في هذه الآية ان منهم الخائن والأمين ، ولم ينف هذا التقسيم عن غيرهم ، حتى يرد الاعتراض.
ثانيا : انه من الجائز ان يتوهم متوهم بأن جميع أهل الكتاب خونة ، فدفع الله هذا الوهم بأنهم كسائر الطوائف ، وأهل الأديان فيهم ، وفيهم ...
(بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ). بلى اثبات لما نفاه أهل الكتاب بقولهم : (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ). وانهم كاذبون في هذا الزعم .. وبعد ان أثبت سبحانه السبيل على من يستحل أموال الناس أخبر بأن
__________________
(١) لا أدري : هل الدول الغربية التي تنهب مقدرات الشعوب العربية من نسل الذين قالوا : ليس علينا في الأميين سبيل.