على كل شيء قدير. (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). المراد بالظالمين هنا الكافرون ، وهم فرعون وقومه ، أما الفتنة فالمراد بها العذاب ، والمعنى لا تجعلنا محلا لعذابهم (وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ). المراد بالكافرين الظالمون ، وهم فرعون وقومه الذين اضطهدوا وظلموا بني إسرائيل ، والمراد بالنجاة الخلاص من ظلمهم واضطهادهم ، وعليه تكون هذه الآية تفسيرا للتي قبلها.
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً). أي لا تخرجا من مصر ، وابقيا فيها ، واتخذا مساكن لبني إسرائيل يأوون اليها ، ويعتصمون بها (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) الخطاب لموسى وأخيه ومن تبعهما. وقيل : معناه اجعلوا بيوتكم متقابلة في جهة واحدة ، أي اسكنوا جميعا في حي واحد ، وهذا التفسير أرجح من تفسير البيوت بالمساجد ، أي اجعلوا بيوتكم مساجد ، ووجه الرجحان ان البيوت غير المساجد ، فهذه للعبادة فقط ، وتلك للسكن (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) لأنها ترمز إلى الإخلاص لله ، وتجمع القلوب على الاحساس المتحد (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) بالنجاة من فرعون وملئه في الدنيا وبالجنة في الآخرة ، وخص الخطاب بموسى وحده لأنه الأصل في الرسالة ، وهرون تبع له.
(وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا). نزلت هذه الآية في زمن لم يكن الناس يعرفون شيئا عما تحتويه قبور الفراعنة ، ثم كشف الحفر والتنقيب فيها عن هذه الأموال والزينة التي نص عليها القرآن ، وهذا شاهد محسوس لا يقبل الشك والريب في ان القرآن وحي من علام الغيوب. (رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ) اللام في ليضلوا للعاقبة مثل لدوا للموت وابنوا للخراب أي كانت نتيجة انعام الله عليهم بالزينة والمال ان عصوه بدلا من أن يطيعوه.
(رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ) بمحقها وتدميرها .. وقد يظن ظان ان في هذا الدعاء إيماء إلى ان موسى طلب من الله ان يمنع الغنى والترف عن أهل البغي والضلال كيلا يزدادوا بغيا وطغيانا .. ولكن الذنب ذنب الأوضاع الفاسدة التي نهى الله عنها. وبسطنا الكلام عن ذلك في ج ٣ ص ٩٤ فقرة : «الرزق وفساد الأوضاع عند تفسير الآية ٦٦ من المائدة».
(وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) قيل : معناها واطبع على قلوبهم. وقيل : بل المراد