الإنسان ، ليتميز الخبيث من الطيب ، ولا احد في مقدوره ان يعاند مشيئة الله .. فعلام ـ اذن ـ تحزن وتذهب نفسك على كفرهم وعدم ايمانهم؟. والقصد من هذا التخفيف عن الرسول الأعظم (ص). وقد تكرر هذا المعنى في الكثير من الآيات ، منها قوله تعالى : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) ـ ٤٤ ق» اي بمسلط .. ان عليك الا البلاغ.
(وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ). ان للإنسان حالات ، ولكلّ سببها ، ومنها الايمان ، وطريقة النظر الى آيات الله بوعي وتجرد ، فمن أدركها على وجهها وحقيقتها انتهى حتما الى الايمان بحكم الله ومشيئته ، لأنه هو الذي جعل التدبر لآياته سببا للايمان به ، ومن أعرض عنها انتهى حتما الى الكفر أيضا بحكم الله لأنه هو الذي جعل الإعراض عن آياته سببا للكفر ، ولكنه تعالى جعل الخيار في سلوك احد الطرفين بيد الإنسان ، وفي معنى هذه الآية قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) ـ ١٠ الشمس» اي ان الفلاح ثابت حتما لمن طهر نفسه من الأهواء والشهوات ، والخيبة ثابتة حتما لمن دنسها بالأقذار والآثام.
(وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ). المراد بالرجس هنا الكفر المقابل للايمان الذي هو بإذن الله ، والمعنى ان الإعراض عن آيات الله وعدم تدبرها يؤدي حتما الى الكفر ، كما ان تدبرها يؤدي حتما الى الايمان. وبهذا يتبين ان المراد بإذن الله الايمان اللازم لادراك الدلائل والبينات التي أقامها الله على وجوده ، على أن يكون مع هذا الإدراك الانصاف والتجرد عن الغايات والأهواء.
(قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (١٠١) فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٣) قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي