والمعنى ان الله سبحانه هدد وتوعد المكذبين بالخزي والذل على تكذيبهم ، وهذا الخزي واقع بهم لا محالة في حياة الرسول أو بعد وفاته ، وفي سائر الأحوال فان مصيرهم اليه تعالى ، فيعذبهم العذاب الأكبر (ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ).أي مطلع على جميع أفعالهم ، لا يغيب شيء منها عن علمه : وسيجازيهم عليها بما يستحقون.
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ) يبشرها وينذرها ، وبعد الانذار والاعذار يكون الحساب والعقاب ، إذ لا عقوبة من غير نص (فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ) وبلغهم ما تجب معرفته عليهم من أمور الدين ، ولم يبق من عذر لمعتذر (قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) فيحكم لمن استجاب لله ورسوله بالفوز والثواب ، وعلى من أعرض ونأى بالخذلان والعقاب (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) فلا نقصان من ثواب من أطاع ، وقد يزداد ، ولا زيادة في عقاب من عصى ، وقد تشمله الرحمة ، وهذا المعنى يدل عليه قوله تعالى : (بِالْقِسْطِ) ولكن من عادة القرآن أن يؤكد كل ما يتصل بالآخرة وثوابها وعقابها.
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨) قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلاَّ ما شاءَ اللهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٤٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (٥٠) أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (٥١) ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٥٢) وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أحَقٌّ